تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ومن سورة الأعراف

صفحة 203 - الجزء 1

  فأخبر سبحانه عن مجيء تأويل ما كانوا يوعدون، مما كانوا به يكذبون، من يوم حشرهم وعقابهم، وما يعاينونه من حسابهم.

  ٦٨ - وسألت: عن قول الله سبحانه: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ}⁣[الأعراف: ١٧٩] فقلت: إذا كان الله قد ذرأهم لها، فكيف يقدرون على المخلص منها؟

  واعلم أن الذرو الذي ذكر الله هو الذرو الثاني في الحشر، حشر المؤمنين إلى النعيم المقيم، وخسر المنافقين الفاسقين إلى العذاب الأليم، لا ما يتوهم الجهلة العَمُون، على رب العالمين، من خلق الفاسق فاسقاً، والمنافق منافقاً، والصالح صالحاً، والطالح طالحاً.

  ولو كان ذلك كذلك لما أرسل إليهم المرسلين، ولما أمرهم بأن يكونوا من المؤمنين، ولكان في أمره أياهم بذلك داعيا لهم إلى مغالبته، آمرا لهم بالخروج من جنته، ولم يكن المحسن أولى بثواب الإحسان من المذنب، ولم يكن المذنب أولى بعقوبة الذنب من المحسن، و {ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ ٢٧}⁣[ص: ٢٧].

  ٦٩ - وسألت: عن قول موسى: {رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ}⁣[الأعراف: ١٤٣]؟

  فلم يَرد موسى # ما يتوهم الجاهلون، من أن يكون سأل أن َيرى ما لا يُرى، وموسى # أعرف بالله من أن يجعله محدودا.