ومن سورة يونس
  ٩١ - وسألت عن قول الله سبحانه: {وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ}[يونس: ١٩]؟
  المعنى في ذلك: أن الله سبحانه أخبر أن الناس في الحق كانوا أمة واحدة، في الإقرار بالله وما أمروا به من طاعة الله، وأن الحكم من الله والأمر لهم في ذلك وله، لم يزل واحدا حتى اختلف أهل العصيان والخلاف، فعصوا وخالفوا ما جعل الله لهم من الأصل في الدين، وثبَّت لهم من اليقين، بغيا وضلالا، وكفرا بالله وطغيانا، ومعنى قوله: {وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ} يقول: لولا حكم من ربك سبق بالتأخير لهم إلى يوم القيامة، لقضي بين المحقين والمبطلين، ولكن سبقت هذه الكلمة، وهي الحكم من الله بالتأخير، لمن خالف الحق إلى عقوبة الآخرة بالنار وبئس المصير، وربما أذاقهم سبحانه من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر.
  ٩٢ - وسألت: عن قول الله سبحانه وجل عن كل شأن شأنه: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا}[يونس: ٩٩]، وعن قوله: {وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ ٩}[النحل: ٩]؟
  فمعنى هاتين الآيتين وتفسيرهما، كمعنى قوله في سورة الجرز: {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا}[السجدة: ١٣] سواء سواء، لا فرق بينهما في سببت ولا