تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ومن سورة يوسف

صفحة 245 - الجزء 1

  ٩٩ - قلت: فقد كان ذلك يُروى لنا بين الملا ويُتحدث به في المساجد؟

  قال: قد ذكر ذلك، جل الله وتعالى عن كل ما يقول فيه الملحدون، وينسب إليه الضالون، وليس قولهم هذا في أنبياء الله، وروايتهم الكاذبة عليهم، بأعظم من كذبهم وجرأتهم على الله، سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا، ألا ترى كيف شبهوه بالأشباه من خلقه، وجعلوه جسما ذا أعضاء وأجزاء مختلفة، فتعالى عن ذلك من ليس كمثله شيء.

  ولقد ناظرت رجلا ممن ينتحل التشبيه، فألزمته أن يقول: إن الله مخلوق، أو ينفي عنه التشبيه، فاختار أن يجعله مخلوقا، وكره أن ينفي عنه التشبيه، فهذا أعظم الأمور، وأقبح الأقاويل كلها.

  ١٠٠ - قلت: فالبرهان الذي رآه يوسف صلى الله عليه ما هو؟

  قال: ما جعل الله فيه من علمه، وخصه به من المعرفة والخوف له، في علانيته وسره، وإنما كان ذلك ابتداءً منها ومراودة له على نفسه، كان من قولها له: أن يا يوسف أن لم تأتيني أتيت أنا إليك، فقال: معاذ الله من ذلك، فقامت فارخت سترا كان على البيت، وكان في البيت صنم لها تعبده من الذهب، له عينان من ياقوتتين حمراوين، فكانت تستحييه وتعبده، فقال لها يوسف صلى الله عليه: لِمَ أرخيت هذا الستر؟! فقالت: إني أخاف أن يراني هذا الذي في البيت، فأرخيته حياءً منه وإجلالا