(باب النفقات)
  عن ابن أبي هند وسيار ومجالد كلهم عن الشعبي قال: «دخلت على فاطمة بنت قيس بالمدينة فسألتها قضاء رسول الله ÷ عليهما فقالت: طلقني زوجي البتة. فخاصمته إلى رسول الله ÷ في السكنى والنفقة فلم يجعل لي سكنى ولا نفقة وأمرني أن أعتد في بيت أم مكتوم».
  وروى مثل هذا الحديث: المؤيد بالله في شرح التجريد من طريق أبي بكر المقري منهيا إسناده الى الشعبي.
  فإن قيل: لم يثبت لها في هذا الخبر النفقة وأنتم تثبتون ذلك قلنا: المراد أن النفي متناول لما زاد على ما أعطاها من نفقة العدة بدليل ما في شرح التجريد: أخبرنا أبو بكر المقري: حدثنا الطحاوي: حدثنا روح: حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير: حدثنا الليث، عن أبي الزبير المكي أنه سأل عبد الحميد بن عبد الله بن أبي عمرو بن حفص عن طلاق جده أبي عمرو فاطمة بنت قيس فقال عبد الحميد: طلقها البتة ثم خرج الى اليمن ووكل عياش بن أبي ربيعة فأرسل اليها بعض النفقة فسخطتها. فقال عياش: مالك علينا من نفقة ولا سكنى. فسألت رسول الله ÷ فقال: ليس لك نفقة ولا سكنى ولكن متاع بالمعروف». فدل ذلك على ان الذي اراده ÷ ليس لك نفقة هو الزايد على ما بعث إليها.
  وقد أجاب بمعنى هذا في شرح الأحكام مع زيادة في الحديث الذي رواه وهو ما روى ابن بشار: قال: حدثنا ابن مهدي قال: حدثنا سفيان عن أبي بكر بن الجهم قال: سمعت فاطمة بنت قيس تقول: أرسل زوجي أبو عمرو بن حفص المغيرة بن(١) عياش بن أبي عمرو بطلاقي وأرسل الي خمسة أصيع من شعير وخمسة اصيع من تمر فقالت أمالي نفقة غير هذا ولا اعتد في بيتكم قال لا اسودك على بناتي قالت: «فأتيت رسول الله ÷ قال: فكم طلقك؟ قلت ثلاثاً. قال: صدق ليس لك نفقة. واعتدي في بيت أم مكتوم» إلى آخر الحديث مطولا. قال الله تعالى {ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا}[الأحزاب: ٤٩] فدل على ان المطلقة عن خلوة داخله في الحكم أنها لا نفقة لها ولا سكني.
  في التحرير لأبي طالب # روى عن القاسم #: أن على الزوج التحيل للانفاق على المرأة بأي وجه أمكنه من مسئلة وغيرها ويستدين إن أدين لا
(١) هكذا في الأم ولا يخفى ما فيه من مخالفة لما سبق من رواية التجريد.