(باب النفقات)
  لبعض أولاده عند تكميلهم قراءة القرآن وجمع فيها عدة من الأعيان أفنانا وألزم من يدخل من الضيفان المتعلمين معالم معروفة ببيان محصور من يضاف من الدرسة عند المعلمين، فزاد من المستحقين عليهم إثنان فأخرجوا عن الطعام الاثنين، ملبسين خفي حنين، فكانت هذه من الدواعي للإدبار وغيرها مما لا يوافق الشرع الحنيف، من التهالك على أخذ الأموال من غير مبالاة، ولا مراعاة لطرقه ولا موالاة، إنما كان إخراجهما فتحاً لباب النحوس، ليعتبر أرباب العقول وسواس النفوس، والله المستعان على إصلاح هذا الدين، وقيام الأمور على سنن سيد المرسلين، وآله الطاهرين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
  وقد تقدم ومر في الاعتصام في فضل الضيافة أحاديث كثيرة، وفيها ما يقتضي بوجوب الضيافة عاما على أهل الوبر والمدر، واستدل عليه بقوله تعالى: {حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا}[الكهف: ٧٧] الآية وما رواه أبو كريمة قال: قال رسول الله ÷: «الضيف حق على كل مسلم فمن أصبح بفنائه فهو عليه دين إن شاء اقتضى، وإن شاء ترك».
  وفي رواية أن رسول الله ÷ قال: «أيما رجل أضاف قوماً فأصبح الضيف محروما، فإن نصره حق على كل مسلم حتى يأخذ بقرى ليلته من زرعه» أخرجه مسلم وأبو داود.
  وعن عقبة بن عامر قالت: قلت للنبي ÷: إنك تبعثنا فننزل بقوم لا يُقْرُونا. فما ترا؟ فقال لنا: «إن نزلتم بقوم فأمروا لكم بما ينبغي فاقبلوا فإن لم يفعلوا فخذوا منهم حق الضيف الذي ينبغي له». أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي نحوه.
  قلت: والأظهر أنه يثبت هذا فيمن سافر إلى محل لا يجد فيه مصنوع الطعام يباع بالثمن إذا تمكن منه: أن الحق ثابت للضيف ولو غنيا إذا كان معدما للطعام أو فقيراً فان لم يضف منهم تكرما فله الأخذ من طعام أهل المحل ما يقوم بالضيافة العرفية بين أهل الإسلام، منتهاها الى ثلاثة أيام فقط لأحاديث رويت: