الاعتصام بحبل المتين،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

(باب السلم)

صفحة 115 - الجزء 4

  وفيه: فاقتضى بظاهره منع السلم فيما لا يتأتى فيه الكيل والوزن والحيوان داخل فيه. وقد تقدم في فرع بيع الحيوان أخبار في تحريم بيع الحيوان بالحيوان نسيئة.

  وفي شرح الأحكام لابن بلال: أخبرنا السيد أبو العباس | قال: أخبرنا علي بن يزيد بن مخلد قال: حدثنا أبي قال: حدثنا وكيع، عن شعبة، عن الحكم، عن إبراهيم عن ابن مسعود أنه نهى عن السلم في الحيوان.

  وفيه: أخبرنا السيد أبو العباس | قال: أخبرنا عبد العزيز بن اسحق قال: حدثنا علي بن محمد النخعي قال: حدثنا سليمان بن إبراهيم قال: حدثنا نصر بن مزاحم، عن إبراهيم بن الزبرقان، عن أبي خالد، عن زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي سلام الله عليهم قال: «من أسلف في طعام إلى أجل فلم يجد عند صاحبه ذلك الطعام فقال خذ مني غيره بسعر يومه لم يكن له أن يأخذ إلا الطعام الذي أسلم فيه أو رأس ماله وليس له أن يأخذ نوعا من الطعام غير ذلك النوع».

  قلت وبالله التوفيق: فدلت هذه الأخبار مما يؤخذ من صرائحها ويستنبط من ظواهرها على شروط صحة منها: الشرط في رأس المال أنه يجب قبضه في المجلس والا انقلب كالكالي بالكالي، وأنه يصح من النقد بالإجماع، ومن العرض الحاضر لصحته، وأنه: يصح العقد عليه قبل وجوده في الملك مع وصفه بما يتميز كعلى نقد في الذمة مقبوضاً قبل التفرق والا بطل. وأنه: لا يصح فيما يحرم فيه النسا كبر بزبيب إذ التأجيل شرط في السلم. ولا يصح اسلام الدين إلى من هو عليه إلا بعد قبضه إجماعا. ولا الوديعة إلا بتجديد قبض. ويجوز الرهن والحوالة والكفالة في راس المال إن قبض قبل التفرق كالصرف اذ الوثاقة تأكيد للعقد. ويشرط تجويز الربح والخسران إذ هو مع تيقن الربح كقرض جر منفعة. ومنها: الشرط في السلم فيجب ذكر قدره وجنسه وصفته إذا كان من جنسين نحو سفرجل برمان إلا الموزون بالنقد فيصح ويكون مؤجلا إجماعا، ولا يصح حالاً لقوله تعالى {إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى}⁣[البقرة: ٢٨٢](⁣١)، ولأن موضوعه تعجيل أحد البدلين وتأجيل الآخر وانه لا بد من كيله أو وزنه حيث أمكن ليكون معلوم القدر ويجوز كيل الموزون هنا والعكس إذ القصد التحقيق. ولا يصح تعيين مكيال يقدر تعذره عند الحلول بل مكيال بلد كبير ولا تعين ثمرة شجرة


(١) الآية: {إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى}⁣[البقرة: ٢٨٢].