الاعتصام بحبل المتين،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

(كتاب الوقف)

صفحة 233 - الجزء 4

  ÷ «فأمره أن يجعله لوالديه فلما ماتا جعله له». وفيه خبر: وروى أنهما لما ماتا جاء إلى النبي ÷ فقال قد ماتا فقال النبي ÷ «نعم وكله هنيئاً».

  وأخرج البخاري عن أنس قال لما نزل {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}⁣[آل عمران: ٩٢] جاء أبو طلحة إلى رسول الله ÷ فقال: يا رسول الله: يقول الله تبارك وتعالى {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}⁣[آل عمران: ٩٢] وان أحب أموالي بير حاء قال: وكانت حديقة كان رسول الله ÷ يدخلها ويستظل فيها ويشرب من مائها. فهي إلى الله والى رسوله أرجو بره وذخره فضعها يا رسول الله كيف أراك الله فقال رسول الله ÷ بَخٍ يا أبا طلحة ما لك مال الرابح قبلناه منك ورددناه عليك فاجعله في الأقربين. فتصدق به أبو طلحة على ذوي رحمه».

  دل الخبر ان على حكمين أحدهما: أنه يجوز للواقف نقل المصرف لأنه جعله على النبي ÷ فأمره أن يجعله لوالديه. وفي الخبر الثاني لذوي رحمة فكان نقلا للمصرف الأول وهو مذهب القاسم بن ابراهيم @ الحكم الثاني: أن منافع الوقف تورث لانه لما مات أبو الواقف قال له النبي ÷ نعم وسواء قال ذلك لكونه واقفا أو وارثا لكن الظاهر أنه عاد اليه وقفا إذ الاصل عدم النقص للصدقة و جريان ثوابها إذ لو عاد ملكا انقطع ثواب الصدقة الجارية والراجح من الكريم المتفضل عدم انقطاعه لكرمه المطلق.

  وفي الشفا خبر وروى أن رجلا أعطى امه حديقة ثم ماتت فقال رسول الله ÷ «وجبت صدقتك ورجعت حديقتك» قال في الشفا ما معناه فرجعت اليه بالميراث وقفا لانا لو لم نجعلها كذلك لوجب أن نجعله لسائر المسلمين وهو أولى بها لتعلقه واختصاصه بولايته كما نقول في ذي الرحم أنه أولى بالإرث لرحمه وفي من غلب العدو ما له ثم احرزه المسلمون فإنه أولى به قبل القسمة.

  واذا بطل نفع الوقف في المقصود كعبد شاخ أو بقرة يبس لبنها على وجه لا يعود: بُيع لإعاضته لما ينفع فيه ولو دونه لأن النبي ÷ نهى عن إضاعة المال وفي ترك البيع إضاعة مال.