(فصل) في صفة الحالف وصفة الحلف وما لا يجوز الحلف به.
  وهيم بمعنى وأيم إنما قلبت الهمزة هاء كما في هرقت الماء اصله أرقت الماء والأصل في القسم بأيم الله: أنه أيمن الله جمع يمين فحذفت النون للتخفيف في مثل لَمْ يَكْ ولكثرة الإستعمال كما في أيش أصله أي شيء».
  ومن صيغ الحلف: ألله إني فعلت كذا مجرداً عن حروف القسم وذلك بهمزة مقطوعة، ويصح بفتح الها والقصر للجلالة وذلك لخبر قال في الشفا كما روي ان ابن مسعود أتى رسول الله ÷ فأعلمه أنه قتل أبا جهل فقال رسول الله ÷ «ألله انك قتلته. قال: ألله قتلته، والفتح في القسم الأخير ينزع الخافظ.
  ومن صيغ الحلف لو حلف بصفات الله الراجعة إلى ذاته لما تقدم من قول النبي ÷ «ومقلب القلوب. ومصرف القلوب. والذي نفسي بيده».
  وكذلك إذا قال: وحق الله لأنه وصف نفسه بأنه حق في قوله تعالى {وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ ٢٥}[النور] وقوله تعالى {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ}[الحج: ٦٢] فإذا قال: وحق الله فكأنه قال: والله الحق كما إذا قال: وعظمة الله وقدرة الله. وجلال الله. وعزة الله. وكبرياء الله ... فكأنه حلف بالله القادر العظيم الجليل العزيز المتكبر.
  واعلم أن أئمة أهل المذهب $ يجعلون أمانة الله وذمته وكفالته صريح قسم: يمين إذ المعنى الله الامين والكفيل والذمة بمعنى وعهد الله. لكنه أخرج أبو داود عن بريده أن رسول الله ÷ قال «من حلف بالأمانة فليس منا» ورواه في الجامع الكافي من طريق محمد بن منصور فقد قيل أن وجه الكراهة أنه أمر أن يحلف بالله وبصفاته وليست الأمانة من صفاته انما هي أمر من أوامره وفرض من فروضه وأقول ولعل وجه الكراهة في الحلف بالأمانة ما نسمع من الحلف بها من اليهود وكثرة محاورتهم بها فقد أمرنا النبي ÷ بالمخالفة لهم حتى «قال النبي ÷ «صلوا في نعالكم ولا تشبهوا باليهود» رواه الطبراني في الكبير عن شداد بن أوس.
  قلت: واذا كان النهي عن التشبه بمخالفي ملة الإسلام فيدخل في ذلك االتشبه بالظلمة، وأجنادهم، وجَلاوزتهم، في الحلف برأس السلطان، وتربة حلّ فيها والده ومثله: الحلف بابن علوان والحداد والزيلعي والنهاري من أهل الجهل والتصوف المنغمسين في بحر الطغيان.