(باب) (ذكر بعض ما يحرم أكله)
  وأخرج النسائي عن أبي سعيد أن النبي ÷ قال: «إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليمقله».
  دل على أن ما هذا حاله مما امر بطرحانه غير مأكول فيقاس كل حيوان لا يذكي كالدود والنحل والدَّير لعلة أنه لا يذكى فأشبه الذباب والخنافس.
  قال الله تعالى {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً}[النحل: ٨] دل على ان هذه الثلاثة الأنواع لا يجوز أكلها لأن الله تعالى ذكر خلقه لها على جهة الإمتنان علينا لما لنا فيها من المنافع وذكر الركوب والزينة من تلك المنافع ولم يذكر الأكل وهو من أعظمها فلو جاز أكلها لما عدل عن ذكر ذلك وهو أعظم المنافع بالنسبة إلى ما دونها.
  في شرح التجريد واصول الاحكام والشفا روى خالد بن الوليد عن النبي ÷ أنه «نهى عن أكل لحوم الخيل والبغال والحمير» وأخرج ابو داود عن خالد بن الوليد عن النبي ÷ أنه «نهى عن أكل لحوم الخيل والبغال والحمير» زاد حياة وكل ذي ناب من السبع. قال أبو داود وهو قول مالك
  وأخرج النسائي وابن ماجه عنه أنه سمع رسول الله ÷ «يقول: لا يحل أكل لحوم الخيل والبغال والحمير» وفي مجموع الزوائد للهيثمي روى الطبراني في الأوسط والبزار باختصار ورجالهما رجال الصحيح خلا شيخ الطبراني أبي عمرو بن حفص السدوسي وهو ثقة. عن جابر بن عبد الله قال أصاب الناس مجاعة فأخذوا الحمر الأهلية فذبحوها وأغلَوا منها القدور فبلغ ذلك النبي ÷ «قال جابر فأمرنا رسول الله ÷ فكفأنا القدور وهي تغلي قال: فحرم رسول الله ÷ لحوم الحمر الإنسية ولحوم الخيل والبغال وكل ذي ناب من السبع ومخلب من الطير وحرم المجثمة والخليسة والنهية» واما ما رواه اهل السنن عن جابر في تحليل لحوم الخيل، فحديث خالد وجابر حاضر وحديث جابر مبيح. والحاضر العمل به أولى، والمؤمنون وقافون عند الشبهات.
  وفي أصول الأحكام خبر وعن أبي هريرة أن رسول الله ÷ ذكر الخيل فقال هي لثلاثة لرجل أجر، ولرجل ستر، وعلى رجل وزر، دل على أن الخيل لا يجوز أكل لحومها لان النبي ÷ ذكر هذه الوجوه الثلاثة ولم يذكر الأكل فبان أن الخيل لا يعدو الاقتناع بها من هذه الوجوه لان الالف واللام دليل على الجنس: في الجامع الكافي قال الحسن ومحمد: لا يجوز أكل الحمر الاهلية والبغال.