الاعتصام بحبل المتين،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

(فصل) (في الإستيذان وآدابه)

صفحة 434 - الجزء 4

  ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ}⁣[النور: ٥٨] الآية، الاستيذان من الأذن وهو العلم قال الله تعالى {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}⁣[البقرة: ٢٧٩] وقال تعالى {آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ ٤٧}⁣[فصلت] أي أعلمناك وقال الامام المهدي #: إن الأذن الرضى يقال: أذنت أي رضيت وقوله تعالى {فَأْذَنُوا}⁣[البقرة: ٢٧٩] أي فارضوا. وهذا القول قريب اذ الاستيذان طلب الرضا من المدخول عليه بالدخول.

  في الثمرات روى أن امرأة من الأنصار جاءت إلى رسول الله ÷ وقالت يا رسول الله إني أكون في منزلي على حال لا أحب أن يراني عليها أحد ولا يزال يدخل عليَّ رجل من أهل بيتي وأنا على تلك الحالة فكيف أصنع فنزل قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا}⁣[النور: ٢٧] الآية.

  وروي أنها لما نزلت أية الاستيذان قال أبو بكر أرأيت الخانات والمساكن في الطرقات ليس فيها ساكن فنزل قوله تعالى {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ}⁣[النور: ٢٩].

  قال فيه: والاستيذان ثلاث مرات على ما ورد في الحديث فإن أُذن له وإلا رجع. وفي حديث أبي أيوب ما الاستيناس؟ قال: يتكلم الرجل بالتسبيحة والتكبيرة ويتنحنح يؤذن أهل البيت: والتسليم: أن يقول السلام عليكم أدخل ثلاث مرات فإن آذن الله وإلا رجع.

  وقال في الأحكام: إذا استأذن المسلم على المسلمين في دورهم فليستأذن وهو مُتَنَحٍّ عن الباب ولا ينظر إلى ما وراء الباب ولا ما في الدار ولا ما في البيت فإن الاستيذان إنما جعل خوفاً من نظر العينين إلى ما لا يحب صاحب البيت أن يراه غيره.