الاعتصام بحبل المتين،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

(باب من ينبغي أن يولى وصفة القاضي)

صفحة 44 - الجزء 5

  في الشفا خبروروي أن النبي ÷ قال «جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم ورفع أصواتكم وخصوماتكم وحدودكم وسل سيوفكم وشرائكم وبيعكم».

  دل على كراهة الحكومات في المساجد.

  وقد ذكر هذا الحديث بلفظه السيوطي في الجامع الصغير قال أخرجه ابن ماجة عن واثله وفيه زيادة «واتخذوا على أبوابها المطاهر وجمروها في الجمع» وفي مجموع الامام زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي $ أنه كان يأمر شريحا بالجلوس في الجامع الأعظم وكان يعطي شريحا على القضا رزقاً من بيت مال المسلمين قلت: وإن دخل المسجد قدم ركعتي التحية لقوله ÷ «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يقعد حتى يصلي ركعتين».

  ويفرش له إذا جلس كما فعل الرسول الله ÷ واذ هو: أهيب.

  ويستقبل القبلة في مجلسه لقوله ÷ «أشرف المجالس ما اسقبل القبلة». أخرجه الطبراني في الكبير عن ابن عباس.

  ويلزم السكينة في جلوسه غير متكي على شماله لقوله ÷ للمتكي على شماله «هذه جلسة المغضوب عليهم» وقد روى هذا الحديث أبو داود في السنن بما لفظه عن عمر بن الشريد عن أبيه الشريد بن سويد قال مر بي رسول الله ÷ وأنا جالس هكذا: وضعت يدي اليسرى خلف ظهري واتَّكأت على إلية يدي فقال: «أتقعد قعدة المغضوب عليهم؟».

  وفي الشفا ما معناه وكراهة الحكومات في المساجد هو الذي ذكره علي بن بلال وهو خلاف مذهب الهادي # فإنه روى بإسناده إلى النبي ÷ أنه كان يجلس للقضا ويحتبي ببردته عند مقام إبراهيم # في المسجد وقال ÷ «من حلف على منبري يميناً أئمة تبوا مقعده من النار» قال وقد كان أمير المؤمنين يأمر شريحاً بالجلوس في المسجد الأعظم.

  دل على انه لا يكره القضا في المساجد قلت: مهما اقترن ببقا الحاكم أذيه بخصومات المتخاصمين وارتفاع الأصوات من المشتجرين فلا يبعد التحريم وإلا جاز لا سيما إذا كان يحصل ببقائه في المسجد القرب للضعفاء من أهل الخصومات فهو من القرب المقربات.