(فصل)
  وعند أئمتنا $ أن رجلا لَوْ راوَدَ امرأةً على الفجور بها ولم يمكن دفعه عن نفسها إلا بقتله فقتلته فلا قود عليها ولا دية. ووجه ذلك أن الذي حاوله منكر وإزالته واجبة، فاذا لم يزل إلا بقتل فاعله جاز ذلك. وهو إجماع اذا كان الفاعل بالغاً عاقلا.
  وأخرج مسلم في رواية وأبو داود عن أبي هريرة أن سعد بن عبادة «قال: يا رسول الله: الرجل يجد مع أهله رجلاً أيقتله؟ قال رسول الله ÷: لا. قال سعد. لا والذي أكرمك بالحق. فقال النبي ÷: اسمعوا إلى مَا يقول سيد كم. وقال عبد الوهاب إلى ما يقول سعد. وفي رواية لهما عن أبي هريرة أيضا أن سعد بن عبادة قال لرسول الله ÷: لو وجدت مع امرأتي رجلا أمهله حتى آتى بأربعة شهداء؟ قال: نعم.
  وأخرج في الموطأ عن ابن المسيب أن رجلا من أهل الشام وجد مع امرأته رجلا فقتله أو قتلهما واشكل على معاوية القضاء فيه، فكتب إلى أبي موسى الأشعري يسأل له علي بن أبي طالب عن ذلك فسأل أبو موسى الأشعري عن ذلك علي بن أبي طالب فقال له علي: «إن هذا الشيء ليس بأرضي. عزمت عليك لتخبرني. فقال أبو موسى: كتب اليَّ معاوية بن أبي سفيان أن أسألك. فقال علي: أنا أبو حسن لئن لم يأتِ بأربعة شهداء فليقط برمته». فالجمع بين القولين أنه إن أتا بأربعة شهداء كما ذكر أن الفاعل المقتول وجد مع المرأة فيسقط عن القاتل القود، وان لم يأت بأربعة شهداء على انه وجد حال الفعل فيقاد. والله اعلم.
  في الشفا خبر: وروى أبو مالك بن عوف الأشجعي أن اباه ضرب مشركا بالسيف، فعاد بنبوة السيف على نفسه فقتل نفسه، فانتهوا عن الصلاة عليه. فقال ÷: «هو شهيد قتل نفسه خطأً ولم يوجب ديته على عاقلته».
  وفيه خبر: وروى عن أبن الأَشجعي ضرب مشركا بالسيف فرجع السيف عليه. فامتنع أصحاب رسول الله ÷ من الصلاة عليه وقالوا: قد أبطل جهاده «فقال رسول الله ÷ بل مات مجاهدا. قال في التخريج: في هذا الخبر سهو ظاهر». وعوف بن مالك لم يقتل نفسه ولا قتل في حياة رسول الله ÷ بل بقي مدة الى أن مات بالشام سنة ثلاث وسبعين من الهجر، وإنما صاحب القصة عامر الأسلمي عم سلمة بن الأكوع روى ذلك مسلم.