الاعتصام بحبل المتين،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

(فصل)

صفحة 249 - الجزء 5

  بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ ١١٨}⁣[آل عمران] دل على أنه لو أوصى إلى كافر في حقوق المسلمين بأن ينفذها لهم عن الموصى له لم تنفذ لأنه غير مأمون على أموال المسلمين. ويدل عليه قوله تعالى {لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ ١٠}⁣[التوبة] وانه لا يصح إلى الكافر لما مر ولقوله تعالى {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا ١٤١}⁣[النساء] ولا تصح إلى الفاسق. قال الله تعالى {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ}⁣[هود: ١١٣] وقد قال تعالى {وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ ٢٥٤}⁣[البقرة] أي الكاملون في الظلم والفاسق ظالم قال الله تعالى {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ}⁣[الطلاق: ١] فدل ما ذكر على أنه لا يجوز الإيصاء إليها لأن ذلك يكون ركونا في تنفيذ وصية الموصي واعتضادا والله تعالى يقول {وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا ٥١}⁣[الكهف] ولأنه يكون اسناد ولاية الحفظ المال اليتيم إلى الخاين، والفاسق خائن لقوله تعالى {وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا ١٠٧}⁣[النساء] وهذا إنما يتناول الفاسق المجاهر بالفسق والمحكوم بفسقه وإلا فيكفي ظاهر العدالة في الوصي وأما الفاسق من جهة التأويل فسيأتي تحقيق حكمه إن شاء الله تعالى في كتاب السير وقد تقدم طرف من حكم البغاة اول كتاب الاعتصام بما به الإفادة.

  ويشترط في الوصي أيضا التكليف إذ هي ولاية وأمانة وكلاية لا تصح إلى غير المكلف كالصبي والمجنون لأن هذين لا ولاية لهما على أنفسها فكيف يثبت لهما الولاية على غيرهما؟ ولأنه مرفوع القلم عنهما لقوله ÷ «رفع القلم عن ثلاثة الخبر»، وأما إلى العبد المسلم فموقوف على إذن سيده على قول أبي العباس وتبطل الوصاية اليه بموت سيد العبد وعند سائر ائمة الآل $ لا يصح اسناد الوصية إلى العبد مطلقا أذِن له أم لا