(وذكر الهجرة الكبرى)
  كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ}[الأنفال: ٣٠] أي يحبسوك {أَوْ يَقْتُلُوكَ}[الأنفال: ٣٠] كما قال ابو جهل {أَوْ يُخْرِجُوكَ}[الأنفال: ٣٠] من مكة ويقصوك عنها. ونام عليٍّ # على فراشه كما أمره وخرج رسول الله ÷ بالهجرة وأوصى عليا باتباعه إلى المدينة، فخرج رسول الله ÷ إلى غارٍ بثور جبل بأسفل مكة وأبو بكر معه رافقه في الطريق مع عامر بن فهيرة، ودليلهم عبد الله بن الأريقط الليثي ويقال: عبد الله بن أرقد، حَتّى مضت ثلاثة ايام، وسكن عن طلبه النّاس، أتاه الذي استأجره له ولأبي بكر ولد ليلهم عليٍّ #. فركبا ورديف أبي بكر عامر بن فهيرة.
  وفيه: أخبرنا محمد بن بلال بإسناده عن أبي رافع قال: كان علي # يجهز لرسول الله ÷ حين كان في الغار بالطعام والشراب واستأجر له ثلاث رواحل للنبي ÷ ولأبي بكر ولدليلهم وخلفه النبي ÷ يخرج إليه اهله فأخرجهم اليه وأمره أن يؤدي عنه أماناته ووصاياه ما كان يوصى إليه وما كان يؤتمن عليه فإذا قضى عنه أمانته كلها لحق به وأمره أن يضطجع على فراشه ليلة خرج. وقال: إن قريشا لن يفقدوني ما داموا يرونك، فاضطجع على فراش النبي ÷، وجعلت قريش تطلع فإذا رأوه قالوا: هو ذا نائم فلما أصبحوا رأوا عليا # وقالوا: لو خرج محمد لخرج بعلي ولم يفقدوه وأمره النبي ÷ أن يخرج فيلحقه بالمدينة فلما بلغ النبي ÷ قدومه قال: ادعو لي عليا #. قالوا: يا رسول الله: لا يقدر أن يمشي على قدميه فأتاه النبي ÷. فلما رآه النبي ÷ اعتنقه وبكى رحمة له، ولما رأى ما بقدمه من الورم وانهما يقطران دما فتفل رسول الله ÷ في يده ومسحها، ودعا له بالعافية فما اشتكاهما حتى استشهد #.
  (وذكر قدوم رسول الله ÷ المدينة:)
  قال في المصابيح: قال أبو العباس الحسني ¥. قال ابن اسحاق:
  «وخرج رسول الله ÷ من مكة في ربيع الأول وقدم المدينة لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول مع زوال الشمس فنزل بقبا على بني عمرو بن عوف من الأنصار وأقام علي بمكة ثلاث ليال حتى أدى عن رسول الله ÷ الودايع فنزل معه على كلثوم بن هدم من بني عمرو بن عوف فأقام رسول الله ÷ بقبا يوم الاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس وأسس مسجدهم ثم أخرجه الله يوم الجمعة فأتاه عتبان