الاعتصام بحبل المتين،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

(وذكر الهجرة الكبرى)

صفحة 366 - الجزء 5

  المهاجرين مع الانصار ولو آخا بين المهاجرين كان أحَقّ بأخوته أحَبّ الخلق اليه ورفيقه في الهجرة وأنيسه في الغار وأفضل الصحابة واكرمهم عليْه: أبو بكر الصديق. وقد قال: لو كنت متخذا خليلا من أهل الأرض لاتخذت أبا بكر خليلا، ولكن أخوة الاسلام الى آخر كلام ابن القيّم.

  قلت: ما اشبه كلام ابن القيم في هذا المقام بكلام من قال تعالى فيه {وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ٣١ أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ}⁣[الزخرف: ٣١ - ٣٢] فكأن المذكّور هو الحاكم على الذي أنزل قوله تعالى {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ٢٣}⁣[الأنبياء] وأنزل {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا ٥٤}⁣[النساء] ولا يُلام المذكور على إنكاره لاخوة النبي ÷ لعلي كرم الله وجهه، فلهوى النفوس سريرة لا تعلم.

  وقد صح حديث المواخاة بينه وبين النبي ÷ من طرق عديدة مؤبدة بالصحة والشهرة بما لا ينكره لو أنصف وراجع قوله بعقله وفكره.

  فإن أحمد بن حنبل المعتزي إليه ابنُ القيم في سلوك المذهب قد أخرج حديث المواخاة عن سعيد بن المسيب «أن النبي ÷ آخا بين أصحابه فبقى رسول الله ÷ وبقى أبو بكر وعمر وعلي فآخا بين أبي بكر وعمر وقال لعلي كَرَّم الله وجهه: أنت أخي».

  وفي رواية له عن عمر بن عبد الله عن أبيه عن جده «أن النبي ÷ آخا بين الصحابة وترك علياً # حتى بقي آخرهم لا يرى له أخا فقال: يا رسول الله. آخيت بين الناس وتركتني. قال: ولمن تراني تركنك إنما تركتك لِنفسي. أنت أخي وأنا أخوك فإن ذاكرك احد فقل أنا عبد الله وأخو رسول الله ÷ لا يقولها بعدك إلا كذاب».

  وفي رواية عن زيد بن أدمى قال: دخلت «على رسول الله ÷ فذكرت عليه قصة مواخاة رسول الله ÷ بين الصحابة فقال علي يعنى للنبي ÷: لقد ذهبت