الاعتصام بحبل المتين،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

(فصل)

صفحة 480 - الجزء 5

(فَصْلٌ)

  قال الله تعالى {وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ٢٥}⁣[الفتح] قال في الكشاف والمعنى أنه كان بمكة قوم من المسلمين مختلطون بالمشركين غير متميزين منهم ولا معرو في الأماكن فقيل لولا كراهة أن تهلكوا ناسا مؤمنين لما كف أيديكم عنهم فأخذ الحكم من هذا أنه إذا كان بين ظهراني أهل الحرب أسرا مسلمين أو تجاراً أو غيرهم ممن لا يجوز قتله: لم يجز أن يرميهم بالمجانيق ولا يفرقهم ولا يحرقهم إلا أن تدعو الضرورة إلى ذلك جاز نحو أن يعلم أنهم إذا لم يرموا بالمجانيق بلغوا من النكاية ما لا يمكن ملاقاته جاز ذلك ولزم الكفارة فيمن أصيب من المسلمين حيث رمو لعذر دعت الضرورة إليه وقد ذكر هذا الكلام أو معناه الإمام أبو طالب #.

  وكذا إذا تَرَّسَ الكفار بالمسلمين أو بمن لا يقتل من صبي وأمرأة وعبد من غير أولادهم ونسائهم: جاز قتل الترس للضرورة مثل ما مر.

  وإن كانوا من المحاربين جاز قتلهم ولو لغير ضرورة اذ النبي ÷ حاصرأهل الطائف بالمنجنيق وفيهم الأطفال منهم والنساء والأرِقا. قلت: وذلك على قول من لم يثبت النسخ كما مر.

(فَصْلٌ)

  قال في الجامع الكافي بلغنا أن بني قريظة نزلوا على حكم رسول الله ÷ فقال: «أما ترضون أن يحكم فيكم رجل منكم» فجعل الحكم إلى سعد بن معاذ فلها أراد أن يحكم فيهم قال عليكم عهد الله وميثاقه: أن الحكم فيكم ما حكمت. قالوا: نعم فقال سعد للناحية التي فيها رسول الله ÷ وهو معرض إجلالا لرسول الله ÷ وعلى من ها هنا مثل ذلك. فقال رسول الله ÷ ومن معه: نعم. قال سعد: فإني أحكم فيهم أن تقتل الرجال، وتُسبى النساء والذرية، وتقسم الأموال فقال رسول الله ÷. لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة».