الاعتصام بحبل المتين،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

(فصل)

صفحة 481 - الجزء 5

  وفيه حدثني ابن اسحاق أن بني قريظة لما نقضوا العهد غزاهم رسول الله ÷ فنزلوا على حكمه فولى ذلك سعد بن معاذ ورضوا به فحكم فيهم أن تقتل الرجال، وتسبى الذراري، والأموال.

  وفي الشفا وروى «أن النبي ÷ لما حاصر بني قريظة: استنزلهم على حكم سعد بن معاذ | وكان من حُلفائهم في الجاهلية فرضوا بحكمه وبعث رسول الله ÷ أبا لبابة إلى قريظة لما حاصرهم وكان أهله وولده فيهم فقالوا يا أبا لبابة ما ترى لنا اننزل على حكم. سعد بن معاذ فأشار اليهم أبو لبابة إلى حلقه يعنى انه الذبح فلا تفعلوا فكانت تلك خيانة الله ولرسوله فقال أبو لبابة: ما زالت قدماي من مكاني حتى علمت أني خنت الله ورسوله» وفي أبي لبابة نزل قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ٢٧}⁣[الأنفال] فكان من رجوعه وتوبته: ما هو ظاهر.

  وروي حين تاب الله عليه قال: «يا رسول الله أهجر دار قومي التي اصبت الذنب واجاورك وانخلع عن مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله فقال رسول الله ÷ يجزيك من ذلك الثلث» وهو أبو لبابة بن عبد المنذر.

  وفيه لما نزلوا على حكم سعد: حكم يقتل رجالهم وسبي نسائهم وذراريهم فقال له النبي ÷ لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة ارقعة. فساقوهم إلى خندق المدينة ثم ضربو اعناق الرجال، ومن شكوا في بلوغه نظروا اليه فان اخضر ميزره ضربوا عنقه وان لم يكن كذلك أعفوه عن القتل واختلف الرواة في عدد القتلى يومئذ فقال قوم كانوا: سبع مائة. وقال أخرون: كانوا ثمان مائة. وقال آخرون: كانوا تسع مائة.

  وقال في أسباب النزول للشيخ الامام علي بن أحمد الواحدي نزلت {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ}⁣[الأنفال: ٢٧] في أبي لبابة بن عبد الله المنذر وذلك أن رسول الله ÷ حاصر يهود قريظة إحدى وعشرين ليلة فسألوا رسول الله ÷ الصلح على ما صالح عليه اخوانهم من بني النضير على أن يسيروا إلى اخوانهم باذرعات وأريحا من أرض الشام فأبى أن يعطيهم ذلك إلا أن يتزلوا على