(فصل)
(فَصْلٌ)
  ومذهب أئمة الآل وكثير من علماء الإسلام أن مكة المشرفة فتحها رسول الله ÷ قهراً يدل عليه قوله تعالى {أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ}[التوبة: ١٣] وقال تعالى {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ}[الفتح: ٢٤]. وقوله تعالى {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ}[التوبة: ١٤] قال في الشفا: وهو الذي نص عليه المرتضى لدين الله محمد بن الهادي والسيدان الأخوان ¤.
  وفيه ومما تظاهر به النقل أن النبي ÷ قال يوم فتح مكة «إِنَّ مَكَةَ حَرَامٌ حَرَّمَهَا اللهُ تعالى لم يحل فيها القتال إلا ساعة من نهار ولم تحل لأحد من بعدي».
  وفيه وروى أن النبي ÷ قال: «كفوا السلاح إلا خزاعة من بني بكر فأذن لهم في قتالهم حتى صلاة العصر ثم قال: كفو السلاح».
  وفيه عن أبي ابن كعب «أن النبي ÷ قال يوم احد لما قتل من الأنصار نيف وستون نفساً وقتل الجماعة من المهاجرين ومثل بهم: لئن كان لنا مثل هذا لنربين عليهم» فلما كان يوم الفتح فتح مكة «دخلها رسول الله ÷ عنوة فقال رجل: لا تعرف قريش بعد هذا اليوم. فقال ÷ الأسود والأبيض آمن إلا معشر بن ضبابة، وابن خطل، وقينتين» فأنزل الله تعالى {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ ١٢٦}[النحل] فقال ÷ «نصبر ولا نعاقب» وقد أخرج الترمذي نحوه.
  وفيه وروى أن النبي ÷ جعل خالد بن الوليد على الميمنة والزبير على الميسرة وان خالداً قتل منهم بضعة عشر نفسا فانهزموا وكان ممن انهزم وهرب من مكة عكرمة بن أبي جهل وصفوان بن امية. وقد تقدم ذكر قتل ابن خطل ومعشر بن ضبابة والقينتين ممن لم يؤمن في باب الأمان.