(باب حكم قتال البغاة)
  وفيه قال: أنبأنا أبو عبد الله أحمد بن محمد البغدادي المعروف بالابنوسي قال حدثنا أبو القاسم عبد العزيز بن اسحق قال: حدثني الأزهر سعيد بن مالك الكاتب قال: حدثني أبي قال: حدثني الحسين بن علوان عن عمرو بن خالد عن زيد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن الحسين بن علي $ قال: لما كان يوم الجمل فتوافقنا فما لبث أهل البصرة أن انهزموا فقال امير المؤمنين: الا لا تتبعوا مدبرا ولا تُذَفِّفُوا على جريح ومن أغلق بابه فهو آمن. قال: فلما انقضى أمر الناس دخلوا بيت المال فرأى فيه البدر من الذهب والفضة فانشأ يقول:
  صلصلي صلصالك، فلست من أشكالك
  ثم قسمه من وقته بين الناس بالسوية ثم رشه ثم قال اشهد لي عند الله أني لم أدخر عن المسلمين شيئاً.
  وفيه قال أخبرنا ابو الحسين علي بن مهدي الطبري قال أخبرنا أبو بكر بن الانباري قال حدثنا ابي قال حدثنا الحسن بن عبد الله الربعي قال كان لمعاوية مولى يقال له حريث وكان من أشجع الناس وأشبههم بمعاوية وكان إذا حمل أيام صفين قال الناس حمل معاوية وكان لا يقوم له قائم وكان معاوية مسرورا بموضعه فقال له يوما يا حريث بارز من بارزك وقاتل كل من قاتلك إلا عليا فإنه لا طاقة لك به فحسد عمرو بن العاص حريثا لما يظهر من نجدته وبسالته فقال: يا حريث إن معوية نفس عليك بقتل علي لانك عبد ولو كنت عربيا وذا شرف لرضيك لهذا الأمر والمنزلة فإن قتلت عليا انصرفت براية الفخر وأعلا ذروة الشرف فعمل في حريث قول عمرو. فلما برز على أحجم الناس عنه فتقدم إليه حريث فضرب عليا ضربة لم تؤثر فيه وضربه علي # فقتله، فاتصل الخبر بمعاوية فقلق وجزع. وقال: من اين اتى حريث وقد كنت حذرته عليا فقيل إن عمراً أشار عليه بذلك فأنشأ معا وبه يقول:
  حريث لم تعلم وعلمك ضائع، ... بأن عليا للفوارس قاهر
  وأن عليا لم يبارزه واحد، ... من الناس إلا أقصعته الأظافر
  أمرتك أمراً جازما فعصيتني، ... فخدك إن لم يقبل النصح عاثر
  ودلاك عمر والحوادث جمة، ... فلله ما جرت عليك المقادر
  وظن حريث قول عمر ونصيحة، ... وقد يهلك الإنسان ما لا يحاذر