الاعتصام بحبل المتين،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

(فصل) [في ذكر الخراج وكيفية وضعه]

صفحة 293 - الجزء 2

(فصل) [في ذكر الخراج وكيفية وضعه]

  اعلم أنّ الأرض الخراجية من جملة الغنائم كا فعل رسول الله ÷ في خيبر وأمر الغنائم بعد رسول الله ÷ إلى الخليفة من بعده فكل أرض افتتحها الإمام بالمسلمين فالإمام مُخيَّر في ذلك إن شاء قسمها بين الغانمين قسمة الغنائم ثم قال في الشفا: وعليه إجماع علماء الإسلام كما فعل النبي ÷ في بعض خيبر فإنه قسمه بين المهاجرين والأنصار على ثمانية عشر سهمًا لكل مائة سهم لإنهم كانوا ثماني عشرة مائة فقسمه بينهم وجعله ملكاً لهم ولم يقسم لسائر الجيش من مزينة وجهينه وغيرهم بل جعله خاصًا بالمهاجرين والأنصار ووقف عمر نصيبه هو وأصحابه لإنه كان رئيس مائة.

  وروى عن سهيل بن أبي حثمة أنه قال: قسم رسول الله ÷ خيبر نصفين نصفًا لنوايبه وخاصته، ونصفًا بين المسلمين جعلها على ثمانية عشر سها.

  وإن شاء مَنَّ بها على أهلها وتركها ملكاً بغير خراج كما فعله النبي ÷ في أرض مكة فإنه لما قهر قريشًا وملك أرضهم قال: «اذهبوا فأنتم الطلقاء» فأعتقهم منَّ بأنفسهم عليهم وبجميع أموالهم من طين ودور وغيرهم.

  وإن شاء جعلها في أيدي أهلها على خراج يؤدونه من الخارج منها من نصف أو ثلث أو ربع أو نحو ذلك كما فعله النبي ÷ في بعض أرض خيبر. ومنه اشتقت المخابرة كما روي عن جابر ¥ قال لما أفاء الله على رسوله خيبر فأقرها رسول الله ÷ في أيديهم كما كانت وجعلها بينه وبينهم فبعث عبد بن رواحة يخرصها.

  وإن شاء تركها وجعلها أيضًا في أيديهم على خراج يؤدونه من دراهم معلومة أو دنانير معلومة أو حبٍّ مكيل معلوم كما فعله النبي ÷ في بعض أرض خيبر. وكما فعله الصحابة كما روي أن الصحابة وضعوا الخراج باتفاق منهم وإجماع متظاهر، ولذلك أن عمر لما افتتح بلاد العجم قال له الناس: اقسم الأرض بيننا فأستشار عليًّا.