الاعتصام بحبل المتين،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

(فصل)

صفحة 319 - الجزء 2

  وأخرج البخاري ومسلم والنسائي عن سلمة بن الأكوع قال: «أمر النبي ÷ رجلاً من أسلم أن أذِّن في الناس أن من كان أكل فليصم بقية يومه ومن لم يكن يأكل فليصم وأن هذا اليوم يوم عاشورا». وقد مر حديث الربيع بنت معوذ الذي رواه البخاري بنحو هذا.

  قلت وبالله التوفيق: دل هذا⁣(⁣١) على أنه ما فرض صيامه يجب الإمساك فيه المُفطِّرات مثل أن يَقْدُم المسافر، ويَقْدِر المريض، ويتبين اليوم أنه من شهر رمضان، وتطهر الحائض، والنفساء، ويبلغ الغلام، ويسلم الكافر، ويفيق المجنون. ويجب القضاء لما مر.

  فإن قيل ذكرتم أن صيام يوم عاشورا مضطرب بل إن صح أنه كان مفروضًا فقد نسخ وهذا إنما ورد فيه.

  قلت⁣(⁣٢) وبالله التوفيق: نسخ وجوبه لا ينافي بيان كيفية العمل فيما يجب فإن دلالة الأخبار: على الوجوب وعلى بيان ما يجب فنسخ الوجوب وبقي دلالة بيان ما يجب والله الهادي.

  وفي شرح التجريد: أخبرنا أبو بكر المقري قال: حدثنا الطحاوي قال حدثنا أبو بكر قال حدثنا داود قال حدثنا زهير بن معاوية قال حدثنا أبو إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله أمير المؤمنين # قال: متى أصبحت يوماً فأنت بأحد النظرين ما لم تطعم إن شئت فصم وإن شئت فأفطر.

  وفيه أيضًا بالسند المتقدم إلى أبي بكرة قال أبو بكرة: حدثنا أبو داود قال حدثنا أبو إسحاق عن الحارث الأعور عن علي # «مثله»⁣(⁣٣).

  وفي تحفة المحتاج، عن عائشة أن رسول الله ÷ دخل عليها ذات يوم فقال: «هل عندكم شيء؟ قالت: لا. قال: فإني إذاً أصوم قالت ودخل علي في يوم آخر فقال قال: أعندك شيء قلت نعم قال إذًا أفطر وإن كنت قد فرضت الصوم.

  يعني نويته»: قال رواه الدارقطني والبيهقي وقال إسناده صحيح.


(١) أي رواية حديث صيام يوم عاشوراء.

(٢) هذا الجواب عن النسخ مستقيم. وأما على ما ذكره الإمام من الإضطراب وما تقدم من قوله: وهذا يدل على أنه لم يكن مفروضاً. فغير واضح انتهى من أنظار شيخنا الحافظ مجد الدين.

(٣) مثل رواية الحديث قبله.