(فصل) (في بعض ما لا يجوز لأهل القتال)
(فَصْلٌ) (في بعض ما لا يجوز لأهل القتال)
  قال الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ ١٥ وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ١٦}[الأنفال] قال ابن عباس: من قر من اثنين فقد فر ومن فر من ثلاثة فلم يفر.
  في الأحكام وفي ذلك ما بلغنا وعن جماعة من أصحاب رسول الله ÷ أنهم قالوا: كنا في مسلحه من مسالح العدو فلقينا المشركين فحاص الناس حيصة فكنا ممن خاص فلما رجعنا إلى أنفسنا قلنا: وكيف ننظر في وجوه المسلمين وقد بُؤنا بغضب من الله. فدخلنا المدينة ليلا فقلنا: نخرج من المدينة، وفيها رسول الله ÷ نلقه فغدونا إليه وهو عاد إلى صلاة الفجر فلقيناه فقلنا يا رسول الله ÷ نحن الفرارون فقال: «بل أنتم العَكَّارون. أنا فِئَةٌ لكل مسلم» قال: فقبلنا يده.
  وفي الشفا: خبر وروى أن عمر قال: بعثنا رسول الله ÷ في سرية فلقوا العدو فحاص الناس حيصةً فأتينا المدينة فتخبأنا فيها وقلنا: يا رسول الله نحن الفرارون، قال: «لا: بل أنتم العكارون وأنا فئتكم» قوله: حاص الناس حيصةّ وروى فجاض الناس جيضة بالجيم والضاد المعجمة اي جولة يريدوا الفِرار.
  والعكارون أي: الكرارون إلى الحرب والعطافون: نحوها.
  ولا يجوز قتل الرسل من أهل الحرب ويجوز حبسهم إذا خشى منهم الغيلة وقامت البينة على ذلك.
  ففي الجامع الكافي قال أحمد بن عيسى: إذا أتى الإمام رسول من أعدائه فخافه على نفسه لم يجز له أن يحبسه إلا أن تقوم عليه البينة بأنه أراد أن يغتاله وإلا رده من حيث جاء. وروى محمد بإسناده عن النبي ÷ أنه جاءه رسولا مسيلمة بكتابه فقال لهما رسول الله ÷ «وأنتما تقولان كما يقول قالا: نعم. فقال أما والله لولا أن الرسول لا يقتل لضربت أعناقكما».