شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

القول في الملائكة وأقسامهم

صفحة 101 - الجزء 1

  القبيح فصار الإتيان بها مع اعتبار دعاء إبليس إلى خلافها خارجا عن الحد المذكور وداخلا في حيز التمكن الذي لو فرضنا ارتفاعه لما صح من المكلف الإتيان بالفعل، ونحن قلنا في الحد مع تمكن المكلف من الإتيان بالفعل في الحالين.

  ومنها أن يقال كيف جاز للحكيم سبحانه أن يقول لإبليس: (إِنَّكَ مِنَ اَلْمُنْظَرِينَ) إلى يوم القيامة وهذا إغراء بالقبيح وأنتم تمنعون أن يقول الحكيم لزيد أنت لا تموت إلى سنة بل إلى شهر أو يوم واحد لما فيه من الإغراء بالقبيح، والعزم على التوبة قبل انقضاء الأمد.

  والجواب: أن أصحابنا قالوا إن البارئ تعالى لم يقل لإبليس إني منظرك إلى يوم القيامة، وإنما قال: (إِلى يَوْمِ اَلْوَقْتِ اَلْمَعْلُومِ) وهو عبارة عن وقت موته واخترامه وكل مكلف من الإنس والجن منظر إلى يوم الوقت المعلوم على هذا التفسير، وإذا كان كذلك لم يكن إبليس عالما أنه يبقى لا محالة فلم يكن في ذلك إغراء له بالقبيح.

  فإن قلت فما معنى قوله # وإنجازا للعدة أليس معنى ذلك أنه قد كان وعده أن يبقيه إلى يوم القيامة.

  قلت إنما وعده الإنظار ويمكن أن يكون إلى يوم القيامة وإلى غيره من الأوقات، ولم يبين له فهو تعالى أنجز له وعده في الإنظار المطلق وما من وقت إلا ويجوز فيه أن يخترم إبليس، فلا يحصل الإغراء بالقبيح وهذا الكلام عندنا ضعيف ولنا فيه نظر مذكور في كتبنا الكلامية