فصل فيما روي من سب معاوية وحزبه لعلي
  فالعنه لعنا وبيلا، وعذبه عذابا أليما، وكتب بذلك إلى الآفاق، فكانت هذه الكلمات يشار بها على المنابر إلى خلافة عمر بن عبد العزيز.
  وذكر أبو عثمان أيضا أن هشام بن عبد الملك لما حج خطب بالموسم، فقام إليه إنسان فقال: يا أمير المؤمنين إن هذا يوم كانت الخلفاء تستحب فيه لعن أبي تراب، فقال: اكفف فما لهذا جئنا.
  وذكر المبرد في الكامل أن خالد بن عبد الله القسري لما كان أمير العراق في خلافة هشام كان يلعن عليا # على المنبر، فيقول: اللهم العن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم صهر رسول الله ÷ على ابنته، وأبا الحسن والحسين، ثم يقبل على الناس فيقول هل كنيت.
  وروى أبو عثمان أيضا أن قوما من بني أمية قالوا لمعاوية: يا أمير المؤمنين، إنك قد بلغت ما أملت، فلو كففت عن لعن هذا الرجل؟ فقال: لا، والله حتى يربو عليه الصغير، ويهرم عليه الكبير، ولا يذكر له ذاكر فضلا.
  وقال أبو عثمان أيضا: وما كان عبد الملك مع فضله وأناته وسداده ورجحانه ممن يخفى عليه فضل علي #، وأن لعنه على رءوس الأشهاد، وفي أعطاف الخطب، وعلى صهوات المنابر مما يعود عليه نقصه ويرجع إليه وهنه؛ لأنهما جميعا من بني عبد مناف، والأصل واحد والجرثومة منبت لهما، وشرف علي # وفضله عائد عليه ومحسوب له، ولكنه أراد تشييد الملك وتأكيد ما فعله الأسلاف، وأن يقرر في أنفس الناس أن بني هاشم لا حظ لهم في هذا الأمر، وأن سيدهم الذي به يصولون، وبفخره يفخرون