شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

فصل في ذكر المنحرفين عن علي #

صفحة 109 - الجزء 4

  قال لنا يوما لقد رأيت الليلة رسول الله ÷ في المنام، فشكوت إليه ما لقيت حتى بكيت، فقال لي: انظر، فنظرت فإذا جلاميد، وإذا رجلان مصفدان.

  قال الأعمش: هما معاوية وعمرو بن العاص.

  قال: فجعلت أرضخ رءوسهما، ثم تعود، ثم أرضخ، ثم تعود حتى انتبهت.

  وروى نحو هذا الحديث عمرو بن مرة، عن أبي عبد الله بن سلمة، عن علي # قال: رأيت الليلة رسول الله ÷ فشكوت إليه، فقال: هذه جهنم، فانظر من فيها فإذا معاوية وعمرو بن العاص معلقين بأرجلهما منكسين، ترضخ رءوسهما بالحجارة أو قال: تشدخ.

  وروى قيس بن الربيع، عن يحيى بن هانئ المرادي، عن رجل من قومه يقال له: رياد بن فلان قال: كنا في بيت مع علي # نحن شيعته وخواصه، فالتفت فلم ينكر منا أحدا، فقال: إن هؤلاء القوم سيظهرون عليكم فيقطعون أيديكم ويسملون أعينكم، فقال: رجل منا وأنت حي يا أمير المؤمنين؟ قال: أعاذني الله من ذلك فالتفت، فإذا واحد يبكي فقال له: يا ابن الحمقاء، أتريد اللذات في الدنيا والدرجات في الآخرة، إنما وعد الله الصابرين.

  وروى زرارة بن أعين، عن أبيه، عن أبي جعفر محمد بن علي # قال: كان علي # إذا صلى الفجر لم يزل معقبا إلى أن تطلع الشمس، فإذا طلعت اجتمع إليه الفقراء والمساكين وغيرهم من الناس، فيعلمهم الفقه والقرآن، وكان له وقت يقوم فيه من مجلسه ذلك، فقام يوما فمر برجل فرماه بكلمة هجر، قال: لم يسمه محمد بن علي #، فرجع عوده على بدئه حتى صعد المنبر، وأمر فنودي الصلاة جامعة، فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على نبيه، ثم قال: أيها الناس، إنه ليس شيء أحب إلى الله ولا أعم نفعا من