فصل في معنى قول علي إني ولدت على الفطرة
  #، هي السنة التي بدئ فيها برسالة رسول الله ÷، فأسمع الهتاف من الأحجار والأشجار، وكشف عن بصره فشاهد أنوارا وأشخاصا، ولم يخاطب فيها بشي ء، وهذه السنة هي السنة التي ابتدأ فيها بالتبتل والانقطاع، والعزلة في جبل حراء، فلم يزل به حتى كوشف بالرسالة، وأنزل عليه الوحي وكان رسول الله ÷ يتيمن بتلك السنة وبولادة علي # فيها، ويسميها سنة الخير وسنة البركة، وقال لأهله ليلة ولادته، وفيها شاهد ما شاهد من الكرامات، والقدرة الإلهية، ولم يكن من قبلها شاهد من ذلك شيئا.
  لقد ولد لنا الليلة مولود يفتح الله علينا به أبوابا كثيرة من النعمة والرحمة، وكان كما قال ÷: فإنه # كان ناصره والمحامي عنه، وكاشف الغماء عن وجهه، وبسيفه ثبت دين الإسلام، ورست دعائمه وتمهدت قواعده.
  وفي المسألة تفسير آخر، وهو أن يعني بقوله #: فإني ولدت على الفطرة، أي: على الفطرة التي لم تتغير ولم تحل وذلك أن معنى قول النبي ÷: كل مولود يولد على الفطرة، أن كل مولود فإن الله تعالى قد هيأه بالعقل الذي خلقه فيه، وبصحة الحواس والمشاعر؛ لأن يعلم التوحيد والعدل، ولم يجعل فيه مانعا يمنعه عن ذلك، ولكن التربية والعقيدة في الوالدين، والإلف لاعتقادهما وحسن الظن فيهما يصده عما فطر عليه، وأمير المؤمنين # دون غيره ولد على الفطرة التي لم تحل، ولم يصد عن مقتضاها مانع لا من جانب الأبوين، ولا من جهة غيرهما وغيره ولد على الفطرة، ولكنه حال عن مقتضاها وزال عن موجبها.
  ويمكن أن يفسر بأنه # أراد بالفطرة العصمة، وأنه منذ ولد لم يواقع قبيحا