شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

فصل فيما ذكر من سبق علي إلى الهجرة

صفحة 125 - الجزء 4

  قال عبد الرزاق: وما أعلم أحدا ذكره غير الزهري.

  ولم يذكر صاحب الإستيعاب ما يدل على سبق زيد إلا هذه الرواية واستغربها، فدل مجموع ما ذكرناه أن عليا # أول الناس إسلاما، وأن المخالف في ذلك شاذ والشاذ لا يعتد به.

فصل فيما ذكر من سبق علي إلى الهجرة

  المسألة السابعة أن يقال: كيف قال إنه سبق إلى الهجرة؟ ومعلوم أن جماعة من المسلمين هاجروا قبله: منهم عثمان بن مظعون وغيره، وقد هاجر أبو بكر قبله؛ لأنه هاجر في صحبة النبي ÷، وتخلف علي # عنهما، فبات على فراش رسول الله ÷، ومكث أياما يرد الودائع التي كانت عنده، ثم هاجر بعد ذلك.

  والجواب: أنه # لم يقل، وسبقت كل الناس إلى الهجرة، وإنما قال: وسبقت فقط ولا يدل ذلك على سبقه للناس كافة، ولا شبهة أنه سبق معظم المهاجرين إلى الهجرة ولم يهاجر قبله أحد، إلا نفر يسير جدا.

  وأيضا: فقد قلنا إنه علل أفضليته، وتحريم البراءة منه مع الإكراه بمجموع أمور: منها ولادته على الفطرة، ومنها سبقه إلى الإيمان، ومنها سبقه إلى الهجرة، وهذه الأمور الثلاثة لم تجتمع لأحد غيره، فكان بمجموعها متميزا عن كل أحد من الناس.

  وأيضا: فإن اللام في الهجرة يجوز ألا تكون للمعهود السابق، بل تكون للجنس وأمير المؤمنين # سبق أبا بكر وغيره إلى الهجرة التي قبل هجرة المدينة، فإن النبي ÷ هاجر عن مكة مرارا يطوف على أحياء العرب، وينتقل من