شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

57 - ومن كلام له # كلم به الخوارج

صفحة 130 - الجزء 4

  الحاصب الريح الشديدة التي تثير الحصباء، وهو صغار الحصى، ويقال لها أيضا: حصبة، قال لبيد:

  جرت عليها إذ خوت من أهلها ... أذيالها كل عصوف حصبه

  فأما التفسيرات التي فسر بها الرضي ¦ قوله #: آبر فيمكن أن يزاد فيها، فيقال: يجوز أن يريد بقوله ولا بقي منكم آبر، أي: نمام يفسد ذات البين والمئبرة النميمة، وأبر فلان، أي: نم والآبر أيضا من يبغي القوم الغوائل خفية مأخوذ من أبرت الكلب إذا أطعمته الإبرة في الخبز، وفي الحديث المؤمن كالكلب المأبور ويجوز أن يكون أصله هابر، أي: من يضرب بالسيف فيقطع، وأبدلت الهاء همزة كما قالوا: في آل أهل، وإن صحت الرواية الأخرى آثر بالثاء بثلاث نقط، فيمكن أن يريد به ساجي باطن خف البعير، وكانوا يسجون باطن الخف بحديدة ليقتص أثره رجل آثر وبعير مأثور.

  وقوله #: فأوبوا شر مآب، أي: ارجعوا شر مرجع والأعقاب جمع عقب بكسر القاف، وهو مؤخر القدم، وهذا كله دعاء عليهم، قال لهم: أولا أصابكم حاصب، وهذا من دعاء العرب قال تميم بن أبي مقبل:

  فإذا خلت من أهلها وقطينها ... فأصابها الحصباء والسفان

  ثم قال لهم ثانيا: لا بقي منكم مخبر، ثم قال لهم ثالثا: ارجعوا شر مرجع، ثم قال لهم رابعا: عودوا على أثر الأعقاب، وهو مأخوذ من قوله تعالى: {وَنُرَدُّ