شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

نافع بن الأزرق الحنفي

صفحة 136 - الجزء 4

  ومنهم أبو بلال مرداس بن أدية، وهو أخو عروة بن حدير الذي ذكرناه أولا خرج في أيام عبيد الله بن زياد، وأنفذ إليه ابن زياد عباس بن أخضر المازني فقتله، وقتل أصحابه وحمل رأسه إلى ابن زياد، وكان أبو بلال عابدا ناسكا شاعرا، ومن قدماء أصحابنا من يدعيه لما كان يذهب إليه من العدل، وإنكار المنكر ومن قدماء الشيعة من يدعيه أيضا.

نافع بن الأزرق الحنفي

  ومنهم نافع بن الأزرق الحنفي، وكان شجاعا مقدما في فقه الخوارج، وإليه تنسب الأزارقة، وكان يفتي بأن الدار دار كفر وأنهم جميعا في النار، وكل من فيها كافر إلا من أظهر إيمانه، ولا يحل للمؤمنين أن يجيبوا داعيا منهم إلى الصلاة، ولا أن يأكلوا من ذبائحهم، ولا أن يناكحوهم ولا يتوارث الخارجي وغيره، وهم مثل كفار العرب وعبدة الأوثان لا يقبل منهم إلا الإسلام أو السيف والقعد بمنزلتهم والتقية لا تحل؛ لأن الله تعالى يقول: {إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً}⁣[النساء: ٧٧]، و قال فيمن كان على خلافهم: {يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ}⁣[المائدة: ٥٤]، فتفرق عنه جماعة من الخوارج منهم نجدة بن عامر، واحتج نجدة بقول الله تعالى: {وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ}⁣[غافر: ٢٨]، فسار نجدة وأصحابه إلى اليمامة، وأضاف نافع إلى مقالته التي قدمناها استحلاله الغدر بأمانته لمن خالفه، فكتب نجدة إليه: