شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

عبيد الله بن بشير بن الماحوز اليربوعي

صفحة 143 - الجزء 4

  وائل: إن حارثة ليس بذلك إنما هو صاحب شراب، وكان حارثة مستهترا بالشراب معاقرا للخمر، وفيه يقول رجل من قومه:

  ألم تر أن حارثة بن بدر ... يصلي وهو أكفر من حمار

  ألم تر أن للفتيان حظا ... وحظك في البغايا والعقار

  فكتب إليه القباع تكفى حربهم إن شاء الله، فأقام حارثة يدافعهم حتى تفرق أصحابه عنه وبقي في خف منهم فأقام بنهر تيري، فعبرت إليه الخوارج فهرب من تخلف معه من أصحابه، وخرج يركض حتى أتى دجيلا، فجلس في سفينة واتبعه جماعة من أصحابه، فكانوا معه فيها، ووافاه رجل من بني تميم عليه سلاحه والخوارج وراءه، وقد توسط حارثة دجيلا فصاح به: يا حارثة ليس مثلي يضيع، فقال للملاح: قرب، فقرب إلى جرف ولا فرضة هناك فطفر بسلاحه في السفينة، فساخت بالقوم جميعا وهلك حارثة.

  وروى أبو الفرج الأصفهاني في كتاب الأغاني الكبير أن حارثة لما عقدوا له الرئاسة، وسلموا إليه الراية، أمرهم بالثبات وقال لهم: إذا فتح الله عليكم، فللعرب زيادة فريضتين، وللموالي زيادة فريضة وندب الناس، فالتقوا وليس بأحد منهم طرق قد فشت فيهم الجراحات، وما تطأ الخيل إلا على القتلى فبينا هم كذلك إذ أقبل جمع