شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

الزبير بن علي السليطي وظهور أمر المهلب

صفحة 151 - الجزء 4

  يتحرك، فقال له الحريش: ارتحل عن هذا المنزل، فارتحل فعبر دجيلا وصار إلى عاقول لا يؤتى إلا من جهة واحدة، فأقام به وأقام الناس ثلاثا مستريحين.

  وفي يقوم سولاف يقول ابن قيس الرقيات:

  ألا طرقت من آل مية طارقه ... على أنها معشوقة الدل عاشقه

  تراءت وأرض السوس بيني وبينها ... ورستاق سولاف حمته الأزارقه

  إذا نحن شئنا صادفتنا عصابة ... حرورية فيها من الموت بارقه

  أجازت عيلنا العسكرين كليهما ... فباتت لنا دون اللحاف معانقه

  فأقام المهلب في ذلك العاقول ثلاثة أيام، ثم ارتحل والخوارج بسلى، وسلبرى فنزل قريبا منهم، فقال ابن الماحوز لأصحابه: ما تنتظرون بعدوكم، وقد هزمتموهم بالأمس وكسرتم حدهم، فقال له واقد مولى أبي صفرة: يا أمير المؤمنين، إنما تفرق عنهم أهل الضعف والجبن، وبقي أهل النجدة والقوة، فإن أصبتهم لم يكن ظفرا هينا؛ لأني أراهم لا يصابون حتى يصيبوا، وإن غلبوا ذهب الدين، فقال أصحابه: نافق واقد، فقال ابن الماحوز: لا تعجلوا على أخيكم فإنه إنما قال هذا نظرا لكم.

  ثم وجه الزبير بن علي إلى عسكر المهلب لينظر ما حالهم، فأتاهم في مائتين فحزرهم، ورجع وأمر المهلب أصحابه بالتحارس، حتى إذا أصبح ركب إليهم في تعبئة، فالتقوا بسلى وسلبرى، فتصافوا فخرج من الخوارج مائة فارس فركزوا رماحهم بين الصفين واتكئوا عليها، وأخرج إليهم المهلب أعدادهم، ففعلوا مثل ما فعلوا لا يرعون إلا الصلاة حتى إذا أمسوا رجع كل قوم إلى معسكرهم، ففعلوا هكذا ثلاثة أيام.