شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

فصل في الكلام على السجع

صفحة 129 - الجزء 1

  القصير فإنه غير مسجوع؛ لأنه لا يحتمل السجع وكذلك القصير من كلام أمير المؤمنين #.

  فأما قولهم إن السجع يدل على التكلف فإن المذموم هو التكلف الذي تظهر سماجته وثقله للسامعين، فأما التكلف المستحسن فأي عيب فيه ألا ترى أن الشعر نفسه لابد فيه من تكلف إقامة الوزن، وليس لطاعن أن يطعن فيه بذلك.

  واحتج عائبو السجع بقوله # لبعضهم منكرا عليه أسجعا كسجع الكهان، ولولا أن السجع منكر لما أنكر # سجع الكهان وأمثاله، فيقال لهم إنما أنكر # السجع الذي يسجع الكهان أمثاله لا السجع على الإطلاق، وصورة الواقعة أنه # أمر في الجنين بغرة فقال: قائل أأدي من لا شرب ولا أكل ولا نطق ولا استهل، ومثل هذا يطل فأنكر # ذلك؛ لأن الكهان كانوا يحكمون في الجاهلية بألفاظ مسجوعة كقولهم حبة بر في إحليل مهر وقولهم عبد المسيح على جمل مشيح، لرؤيا الموبذان وارتجاس الإيوان ونحو ذلك من كلامهم، وكان # قد أبطل الكهانة والتنجيم والسحر ونهى عنها فلما سمع كلام ذلك القائل أعاد الإنكار، ومراده به تأكيد تحريم العمل على أقوال الكهنة، ولو كان # قد أنكر السجع لما قاله، وقد بينا أن كثيرا من كلامه مسجوع وذكرنا خطبته.

  ومن كلامه # المسجوع خبر ابن مسعود ¦ قال: قال رسول الله ÷ استحيوا من الله حق الحياء، فقلنا إنا لنستحيي يا رسول الله، من الله تعالى فقال ليس ذلك ما أمرتكم به وإنما الاستحياء من الله أن تحفظ الرأس