شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

الكناية والرموز والتعريض مع ذكر مثل منها

صفحة 56 - الجزء 5

  ونزع ثيابه فقال الفضل برسول الله وابن عمه فلبس الفرزدق ثيابه وقال أعض الله من يساجلك بما نفت المواسي من بظر أمه ورواها أبو بكر بن دريد بما أبقت المواسي.

  وقد نزل القرآن العزيز على مخرج كلام العرب في المساجلة فقال تبارك وتعالى {فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ}⁣[الذاريات: ٥٩] الذنوب الدلو والمراد ما ذكرناه.

  وقال المبرد المراد بقوله وأنا الأخضر أي الأسمر والأسود والعرب كانت تفتخر بالسمرة والسواد وكانت تكره الحمرة والشقرة وتقول إنهما من ألوان العجم.

  وقال ابن دريد مراده أن بيتي ربيع أبدا مخصب كثير الخير لأن الخصب مع الخضرة وقال الشاعر

  قوم إذا اخضرت نعالهم ... يتناهقون تناهق الحمر

  أي إذا أعشبت الأرض اخضرت نعالهم من وطئهم إياها فأغار بعضهم على بعض والتناهق هاهنا أصواتهم حين ينادون للغارة ويدعو بعضهم بعضا ونظير هذا البيت قول الآخر

  قوم إذا نبت الربيع لهم ... نبتت عداوتهم مع البقل

  أي إذا أخصبوا وشبعوا غزا بعضهم بعضا ومثله قول الآخر

  يا ابن هشام أهلك الناس اللبن ... فكلهم يغدو بسيف وقرن

  أي تسفهوا لما رأوا من كثرة اللبن والخصب فأفسدوا في الأرض وأغار بعضهم على بعض والقرن الجعبة.