شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

باب لزوم ما لا يلزم وإيراد أمثلة منه

صفحة 138 - الجزء 1

  ثم قال بأرض عالمها ملجم، أي: من عرف صدق محمد ÷ وآمن به في تقية وخوف وجاهلها مكرم، أي: من جحد نبوته وكذبه في عز ومنعة، وهذا ظاهر: (وَمِنْهَا وَيَعْنِي آلَ اَلنَّبِيِّ ÷ هُمْ مَوْضِعُ سَرِّهِ وَلَجَأُ أَمْرِهِ وَعَيْبَةُ عِلْمِهِ وَمَوْئِلُ حُكْمِهِ وَكُهُوفُ كُتُبِهِ وَجِبَالُ دِينِهِ بِهِمْ أَقَامَ اِنْحِنَاءَ ظَهْرِهِ وَأَذْهَبَ اِرْتِعَادَ فَرَائِصِهِ اللجأ ما تلتجئ إليه كالوزر ما تعتصم به والموئل ما ترجع إليه)، يقول: إن أمر النبي ÷، أي: شأنه ملتجئ إليهم وعلمه مودع عندهم كالثوب يودع العيبة.

  وحكمه، أي: شرعه يرجع ويؤول إليهم وكتبه، يعني القرآن والسنة عندهم فهم كالكهوف له لاحتوائهم عليه، وهم جبال دينه لا يتحلحلون عن الدين أو أن الدين ثابت بوجودهم، كما أن الأرض ثابتة بالجبال ولو لا الجبال لمادت بأهلها.

  والهاء في ظهره ترجع إلى الدين وكذلك الهاء في فرائصه والفرائص جمع فريصة، وهي اللحمة بين الجنب والكتف لا تزال ترعد من الدابة: (وَمِنْهَا فِي اَلْمُنَافِقِينَ يَعْنِي قَوْماً آخَرِينَ زَرَعُوا اَلْفُجُورَ وَسَقَوْهُ اَلْغُرُورَ وَحَصَدُوا اَلثُّبُورَ لاَ يُقَاسُ بِآلِ مُحَمَّدٍ ÷ مِنْ هَذِهِ اَلْأُمَّةِ أَحَدٌ وَلاَ يُسَوَّى بِهِمْ مَنْ جَرَتْ نِعْمَتُهُمْ عَلَيْهِ أَبَداً هُمْ أَسَاسُ اَلدِّينِ وَعِمَادُ اَلْيَقِينِ إِلَيْهِمْ يَفِي ءُ اَلْغَالِي وَبِهِمْ يُلْحَقُ