شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

خروج ابن عمرو الخثعمي وأمره مع محمد بن يوسف الطائي

صفحة 75 - الجزء 5

  حتى غدت جشم بن بكر تبتغي ... إرث النبي وتدعيه حقوقا

  جاءوا براعيهم ليتخذوا به ... عمدا إلى قطع الطريق طريقا

  عقدوا عمامته برأس قناته ... ورأوه برا فاستحال عقوقا

  وأقام ينفذ في الجزيرة حكمه ... ويظن وعد الكاذبين صدوقا

  حتى إذا ما الحية الذكر انكفى ... من أرزن حربا يمج حريقا

  غضبان يلقى الشمس منه بهامة ... يعشى العيون تألقا وبروقا

  أوفى عليه فظل من دهش ... يظن البر بحرا والفضاء مضيقا

  غدرت أمانيه به وتمزقت ... عنه غيابة سكره تمزيقا

  طلعت جيادك من ربا الجودي قد ... حملن من دفع المنون وسوقا

  فدعا فريقا من سيوفك حتفهم ... وشددت في عقد الحديد فريقا

  ومضى ابن عمرو قد أساء بعمره ... ظنا ينزق مهره تنزيقا

  فاجتاز دجلة خائضا وكأنها ... قعب على باب الكحيل أريقا

  لو خاضها عمليق أو عوج إذا ... ما جوزت عوجا ولا عمليقا

  لو لا اضطراب الخوف في أحشائه ... رسب العباب به فمات غريقا

  لو نفسته الخيل لفتة ناظر ... ملأ البلاد زلازلا وفتوقا

  لثنى صدور الخيل تكشف كربة ... ولوى رماح الخط تفرج ضيقا

  ولبكرت بكر وراحت تغلب ... في نصر دعوته إليه طروقا

  حتى يعود الذئب ليثا ضيغما ... والغصن ساقا والقرارة نيقا