شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

عود إلى أخبار الخوارج وذكر رجالهم وحروبهم

صفحة 81 - الجزء 5

  فأبلغونا مأمننا فنظر بعضهم إلى بعض ثم قالوا ذاك لكم فساروا معهم بجمعهم حتى أبلغوهم المأمن.

  وقال أبو العباس أتي عبد الملك بن مروان برجل من الخوارج فبحثه فرأى منه ما شاء فهما وعلما ثم بحثه فرأى منه ما شاء أدبا وذهنا فرغب فيه فاستدعاه إلى الرجوع عن مذهبه فرآه مستبصرا محققا فزاده في الاستدعاء فقال تغنيك الأولى عن الثانية وقد قلت وسمعت فاسمع أقل قال قل فجعل يبسط من قول الخوارج ويزين له من مذهبهم بلسان طلق وألفاظ بينة ومعان قريبة فقال عبد الملك بعد ذلك على معرفته وفضله لقد كاد يوقع في خاطري أن الجنة إنما خلقت لهم وأني أولى العباد بالجهاد منهم ثم رجعت إلى ما ثبت الله علي من الحجة وقرر في قلبي من الحق فقلت له الدنيا والآخرة لله وقد سلطنا الله في الدنيا ومكن لنا فيها وأراك لست تجيبنا إلى ما نقول والله لأقتلنك إن لم تطع فأنا في ذلك إذ دخل علي بابني مروان.

  قال أبو العباس وكان مروان أخا يزيد بن عبد الملك لأمه أمهما عاتكة بنت يزيد بن معاوية وكان أبيا عزيز النفس فدخل به على أبيه في هذا الوقت باكيا