شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

أخبار متفرقة عن معاوية

صفحة 131 - الجزء 5

  برأيه في الرعية وفي دين الله واستلحاقه زيادا وهو يعلم قول رسول الله ÷ الولد للفراش وللعاهر الحجر وقتله حجر بن عدي وأصحابه ولم يجب عليهم القتل ومهانته لأبي ذر الغفاري وجبهه وشتمه وإشخاصه إلى المدينة على قتب بعير وطاء لإنكاره عليه ولعنه عليا وحسنا وحسينا وعبد الله بن عباس على منابر الإسلام وعهده بالخلافة إلى ابنه يزيد مع ظهور فسقه وشربه المسكر جهارا ولعبه بالنرد ونومه بين القيان المغنيات واصطباحه معهن ولعبه بالطنبور بينهن وتطريقه بني أمية للوثوب على مقام رسول الله ÷ وخلافته حتى أفضت إلى يزيد بن عبد الملك والوليد بن يزيد المفتضحين الفاسقين صاحب حبابة وسلامة والآخر رامي المصحف بالسهام وصاحب الأشعار في الزندقة والإلحاد.

  ولا ريب أن الخوارج إنما بريء أهل الدين والحق منهم لأنهم فارقوا عليا وبرئوا منه وما عدا ذلك من عقائدهم نحو القول بتخليد الفاسق في النار والقول بالخروج على أمراء الجور وغير ذلك من أقاويلهم فإن أصحابنا يقولون بها ويذهبون إليها فلم يبق ما يقتضي البراءة منهم إلا براءتهم من علي وقد كان معاوية يلعنه على رءوس الأشهاد وعلى المنابر في الجمع والأعياد في المدينة ومكة وفي سائر مدن الإسلام فقد شارك الخوارج في الأمر المكروه منهم وامتازوا عليه بإظهار الدين والتلزم بقوانين الشريعة والاجتهاد في العبادة وإنكار المنكرات وكانوا أحق بأن ينصروا عليه من أن ينصر عليهم فوضح بذلك قول أمير المؤمنين لا تقاتلوا الخوارج بعدي يعني في ملك معاوية ومما يؤكد هذا المعنى أن عبد الله بن الزبير استنصر على يزيد بن معاوية بالخوارج واستدعاهم إلى ملكه فقال فيه الشاعر

  يا ابن الزبير أتهوى فتية قتلوا ... ظلما أباك ولما تنزع الشكك

  ضحوا بعثمان يوم النحر ضاحية ... يا طيب ذاك الدم الزاكي الذي سفكوا

  فقال ابن الزبير لو شايعني الترك والديلم على محاربة بني أمية لشايعتهم وانتصرت بهم