شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

اختلاف الناس في الآجال

صفحة 133 - الجزء 5

  وقوله تعالى {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ ٣٤}⁣[الأعراف: ٣٤].

  وقوله سبحانه {تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ ٦١}⁣[الأنعام: ٦١] وفي القرآن العزيز كثير من ذلك

اختلاف الناس في الآجال

  واختلف الناس في الآجال فقالت الفلاسفة والأطباء لا أجل مضروب لأحد من الحيوان كله من البشر ولا من غيرهم والموت عندهم على ضربين قسري وطبيعي.

  فالقسري الموت بعارض إما من خارج الجسد كالمتردي والغريق والمقتول ونحو ذلك أو من داخل الجسد كما يعرض من الأمراض القاتلة مثل السل والاستسقاء والسرسام ونحو ذلك.

  والموت الطبيعي ما يكون بوقوف القوة الغاذية التي تورد على البدن عوض ما يتحلل منه وهذه القوة المستخدمة للقوى الأربع الجاذبة والدافعة والماسكة والهاضمة والبدن لا يزال في التحلل دائما من الحركات الخارجية ومن الأفكار والهموم وملاقاة الشمس والريح والعوارض الطارئة ومن الجوع والعطش والقوة الغاذية تورد على البدن عوض الأجزاء المتحللة فتصرفها في الغذاء المتناول واستخدام القوى الأربع المذكورة.

  ومنتهى بقاء هذه القوة في الأعم الأغلب للإنسان مائة وعشرون سنة وقد رأيت في كتب بعض الحكماء أنها تبقى مائة وستين سنة ولا يصدق هؤلاء بما يروى من بقاء المعمرين فأما أهل الملل فيصدقون بذلك.