62 - ومن خطبة له #
  قيل لا لأنه تعالى قال {وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ ٢٠}[الواقعة: ٢٠] ولأن من تدبر ترغيبات القرآن في الجنة والثواب علم قطعا أن أهل الجنة غير مضطرين إلى أفعالهم كما يضطر المرتعش إلى الرعشة.
  إن قيل فإذا كانوا غير مضطرين فلم يمنعهم من وقوع القبيح منهم.
  قيل لأن الله تعالى قد خلق فيهم علما بأنهم متى حاولوا القبيح منعوا منه وهذا يمنع من الإقدام على القبيح بطريق الإلجاء.
  ويمكن أيضا أن يعلمهم استغناءهم بالحسن عن القبيح مع ما في القبيح من المضرة فيكونون ملجئين إلى ألا يفعلوا القبيح.
  فأما قوله # ولا ينجى بشيء كان لها فمعناه أن أفعال المكلف التي يفعلها لأغراضه الدنيوية ليست طريقا إلى النجاة في الآخرة كمن ينفق ماله رئاء الناس وليست طرق النجاة إلا بأفعال البر التي يقصد فيها وجه الله تعالى لا غير وقد أوضح # ذلك بقوله فما أخذوه منها لها أخرجوا منه وحوسبوا عليه وما أخذوه منها لغيرها قدموا عليه وأقاموا فيه.
  فمثال الأول من يكتسب الأموال ويدخرها لملاذه ومثال الثاني من يكسبها لينفقها في سبيل الخيرات والمعروف.
  ثم قال # وإنها عند ذوي العقول كفيء الظل ...
  إلى آخر الفصل وإنما قال كفيء الظل لأن العرب تضيف الشيء إلى نفسه قال تأبط شرا
  إذا حاص عينيه كرى النوم لم يزل ... له كالئ من قلب شيحان فاتك