شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

يوم السقيفة

صفحة 8 - الجزء 6

  فقال عمر وأبو عبيدة ما ينبغي لأحد من الناس أن يكون فوقك أنت صاحب الغار ثاني اثنين وأمرك رسول الله بالصلاة فأنت أحق الناس بهذا الأمر.

  فقال الأنصار والله ما نحسدكم على خير ساقه الله إليكم ولا أحد أحب إلينا ولا أرضى عندنا منكم ولكنا نشفق فيما بعد هذا اليوم ونحذر أن يغلب على هذا الأمر من ليس منا ولا منكم فلو جعلتم اليوم رجلا منكم بايعنا ورضينا على أنه إذا هلك اخترنا واحدا من الأنصار فإذا هلك كان آخر من المهاجرين أبدا ما بقيت هذه الأمة كان ذلك أجدر أن نعدل في أمة محمد ÷ فيشفق الأنصاري أن يزيغ فيقبض عليه القرشي ويشفق القرشي أن يزيغ فيقبض عليه الأنصاري.

  فقام أبو بكر فقال إن رسول الله ÷ لما بعث عظم على العرب أن يتركوا دين آبائهم فخالفوه وشاقوه وخص الله المهاجرين الأولين من قومه بتصديقه والإيمان به والمواساة له والصبر معه على شدة أذى قومه ولم يستوحشوا لكثرة عدوهم فهم أول من عبد الله في الأرض وهم أول من آمن برسول الله وهم أولياؤه وعترته وأحق الناس بالأمر بعده لا ينازعهم فيه إلا ظالم وليس أحد بعد المهاجرين فضلا وقدما في الإسلام مثلكم فنحن الأمراء وأنتم الوزراء لا نمتاز دونكم بمشورة ولا نقضي دونكم الأمور.

  فقام الحباب بن المنذر بن الجموح فقال يا معشر الأنصار املكوا عليكم أيديكم إنما الناس في فيئكم وظلكم ولن يجترئ مجترئ على خلافكم ولا يصدر الناس إلا عن أمركم أنتم أهل الإيواء والنصرة وإليكم كانت الهجرة وأنتم أصحاب الدار والإيمان والله ما عبد الله علانية إلا عندكم وفي بلادكم