شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

يوم السقيفة

صفحة 12 - الجزء 6

  فإن لم تبايعني لم أكرهك فقال له أبو عبيدة يا أبا الحسن إنك حديث السن وهؤلاء مشيخة قريش قومك ليس لك مثل تجربتهم ومعرفتهم بالأمور ولا أرى أبا بكر إلا أقوى على هذا الأمر منك وأشد احتمالا له واضطلاعا به فسلم له هذا الأمر وارض به فإنك إن تعش ويطل عمرك فأنت لهذا الأمر خليق وبه حقيق في فضلك وقرابتك وسابقتك وجهادك.

  فقال علي يا معشر المهاجرين الله الله لا تخرجوا سلطان محمد عن داره وبيته إلى بيوتكم ودوركم ولا تدفعوا أهله عن مقامه في الناس وحقه فو الله يا معشر المهاجرين لنحن أهل البيت أحق بهذا الأمر منكم أما كان منا القارئ لكتاب الله الفقيه في دين الله العالم بالسنة المضطلع بأمر الرعية والله إنه لفينا فلا تتبعوا الهوى فتزدادوا من الحق بعدا.

  فقال بشير بن سعد لو كان هذا الكلام سمعته منك الأنصار يا علي قبل بيعتهم لأبي بكر ما اختلف عليك اثنان ولكنهم قد بايعوا وانصرف علي إلى منزله ولم يبايع ولزم بيته حتى ماتت فاطمة فبايع.

  قلت هذا الحديث يدل على بطلان ما يدعى من النص على أمير المؤمنين وغيره لأنه لو كان هناك نص صريح لاحتج به ولم يجر للنص ذكر وإنما كان الاحتجاج منه ومن أبي بكر ومن الأنصار بالسوابق والفضائل والقرب فلو كان هناك نص على أمير المؤمنين أو على أبي بكر لاحتج به أبو بكر أيضا على الأنصار ولاحتج به أمير المؤمنين على أبي بكر فإن هذا الخبر وغيره من الأخبار المستفيضة يدل على أنه قد كان كاشفهم وهتك القناع بينه وبينهم ألا تراه كيف نسبهم إلى التعدي عليه وظلمه وتمنع من طاعتهم