شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

أمر المهاجرين والأنصار بعد بيعة أبي بكر

صفحة 18 - الجزء 6

  أبا حسن فاشدد بها كف حازم ... فإنك بالأمر الذي يرتجى ملي

  وأي امرئ يرمي قصيا ورأيها ... منبع الحمى والناس من غالب قصي

  فقال علي لأبي سفيان إنك تريد أمرا لسنا من أصحابه وقد عهد إلي رسول الله ÷ عهدا فأنا عليه فتركه أبو سفيان وعدل إلى العباس بن عبد المطلب في منزله فقال يا أبا الفضل أنت أحق بميراث ابن أخيك امدد يدك لأبايعك فلا يختلف عليك الناس بعد بيعتي إياك فضحك العباس وقال يا أبا سفيان يدفعها علي ويطلبها العباس فرجع أبو سفيان خائبا.

  قال الزبير وذكر محمد بن إسحاق أن الأوس تزعم أن أول من بايع أبا بكر بشير بن سعد وتزعم الخزرج أن أول من بايع أسيد بن حضير.

  قلت بشير بن سعد خزرجي وأسيد بن حضير أوسي وإنما تدافع الفريقان الروايتين تفاديا عن سعد بن عبادة وكراهية كل حي منهما أن يكون نقض أمره جاء من جهة صاحبه فالخزرج هم أهله وقرابته لا يقرون أن بشير بن سعد هو أول من بايع أبا بكر وأبطل أمر سعد بن عبادة ويحيلون بذلك على أسيد بن حضير لأنه من الأوس أعداء الخزرج وأما الأوس فتكره أيضا أن ينسب أسيد إلى أنه أول من نقض أمر سعد بن عبادة كي لا يرموه بالحسد للخزرج لأن سعد بن عبادة خزرجي فيحيلون بانتقاض أمره على قبيلته وهم الخزرج ويقولون إن أول من بايع أبا بكر ونقض دعوة سعد بن عبادة بشير بن سعد وكان بشير أعور.

  والذي ثبت عندي أن أول من بايعه عمر ثم بشير بن سعد ثم أسيد بن حضير ثم أبو عبيدة بن الجراح ثم سالم مولى أبي حذيفة.