شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

مرض رسول الله ÷ وأمره أسامة بن زيد على الجيش

صفحة 161 - الجزء 1

  اثنان.

  فقال: له أو يطمع يا عم فيها طامع غيري؟ قال: ستعلم فلم يلبثا أن جاءتهما الأخبار بأن الأنصار أقعدت سعدا لتبايعه وأن عمر جاء بأبي بكر فبايعه وسبق الأنصار بالبيعة، فندم علي # على تفريطه في أمر البيعة وتقاعده عنها، وأنشده العباس قول دريد:

  أمرتهم أمري بمنعرج اللوى ... فلم يستبينوا النصح إلا ضحى الغد

  وتزعم الشيعة أن رسول الله ÷ كان يعلم موته وأنه سير أبابكر وعمر في بعث أسامة لتخلو دار الهجرة منهما، فيصفو الأمر لعلي # ويبايعه من تخلف من المسلمين بالمدينة على سكون وطمأنينة، فإذا جاءهما الخبر بموت رسول الله ÷، وبيعة الناس لعلي # بعده كانا عن المنازعة والخلاف أبعد؛ لأن العرب كانت تلتزم بإتمام تلك البيعة ويحتاج في نقضها إلى حروب شديدة، فلم يتم له ما قدر وتثاقل أسامة بالجيش أياما مع شدة حث رسول الله ÷ على نفوذه وخروجه بالجيش حتى مات ÷، وهما بالمدينة فسبقا عليا إلى البيعة وجرى ما جرى.

  وهذا عندي غير منقدح؛ لأنه إن كان ÷ يعلم موته، فهو أيضا يعلم أن أبا بكر سيلي الخلافة وما يعلمه لا يحترس منه، وإنما يتم هذا ويصح إذا فرضنا أنه # كان يظن موته ولا يعلمه حقيقة ويظن أن أبابكر وعمر يتمالآن على ابن عمه، ويخاف وقوع ذلك منهما ولا يعلمه حقيقة، فيجوز إن كانت الحال هكذا أن ينقدح هذا التوهم، ويتطرق هذا الظن كالواحد منا له ولدان يخاف من أحدهما