ذكر أمر فاطمة مع أبي بكر
  أتموت البتول غضبى ونرضى ... ما كذا يصنع البنون الكرام
  يخاطب عمر ويقول له مهلا ورويدا يا عمر أي ارفق واتئد ولا تعنف بنا وما كنت مليا أي وما كنت أهلا لأن تخاطب بهذا وتستعطف ولا كنت قادرا على ولوج دار فاطمة على ذلك الوجه الذي ولجتها عليه لو لا أن أباها الذي كان بيتها يحترم ويصان لأجله مات فطمع فيها من لم يكن يطمع ثم قال أتموت أمنا وهي غضبى ونرضى نحن إذا لسنا بكرام فإن الولد الكريم يرضى لرضا أبيه وأمه ويغضب لغضبهما.
  والصحيح عندي أنها ماتت وهي واجدة على أبي بكر وعمر وأنها أوصت ألا يصليا عليها وذلك عند أصحابنا من الأمور المغفورة لهما وكان الأولى بهما إكرامها واحترام منزلها لكنهما خافا الفرقة وأشفقا من الفتنة ففعلا ما هو الأصلح بحسب ظنهما وكانا من الدين وقوة اليقين بمكان مكين لا شك في ذلك والأمور الماضية يتعذر الوقوف على عللها وأسبابها ولا يعلم حقائقها إلا من قد شاهدها ولابسها بل لعل الحاضرين المشاهدين لها يعلمون باطن الأمر فلا يجوز العدول عن حسن الاعتقاد فيهما بما جرى والله ولي المغفرة والعفو فإن هذا لو ثبت أنه خطأ لم يكن كبيرة بل كان من باب الصغائر التي لا تقتضي التبرؤ ولا توجب زوال التولي.
  قال أبو بكر وأخبرنا أبو زيد عمر بن شبة قال حدثنا محمد بن حاتم عن رجاله عن ابن عباس قال مر عمر بعلي وأنا معه بفناء داره فسلم عليه فقال له علي أين تريد قال البقيع قال أفلا تصل صاحبك ويقوم معك قال بلى فقال لي علي قم معه فقمت فمشيت إلى جانبه فشبك أصابعه في أصابعي ومشينا قليلا حتى إذا خلفنا البقيع قال لي يا ابن عباس أما والله إن صاحبك هذا لأولى الناس بالأمر بعد رسول الله ÷ إلا أنا خفناه على اثنين قال ابن عباس فجاء بكلام لم أجد بدا من