شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

ولاية محمد بن أبي بكر على مصر وأخبار مقتله

صفحة 91 - الجزء 6

  فقام إليه مالك بن كعب الأرحبي فقال يا أمير المؤمنين اندب الناس معي فإنه لا عطر بعد عروس وإن الأجر لا يأتي إلا بالكرة ثم التفت إلى الناس وقال اتقوا الله وأجيبوا دعوة إمامكم وانصروا دعوته وقاتلوا عدوكم إنا نسير إليهم يا أمير المؤمنين فأمر علي سعدا مولاه أن ينادي ألا سيروا مع مالك بن كعب إلى مصر وكان وجها مكروها فلم يجتمعوا إليه شهرا فلما اجتمع له منهم ما اجتمع خرج بهم مالك بن كعب فعسكر بظاهر الكوفة وخرج معه علي فنظر فإذا جميع من خرج نحو من ألفين فقال علي سيروا والله ما أنتم ما إخالكم تدركون القوم حتى ينقضي أمرهم.

  فخرج مالك بهم وسار خمس ليال وقدم الحجاج بن غزية الأنصاري على علي وقدم عليه عبد الرحمن بن المسيب الفزاري من الشام فأما الفزاري فكان عينا لعلي # لا ينام وأما الأنصاري فكان مع محمد بن أبي بكر فحدثه الأنصاري بما عاين وشاهد وأخبره بهلاك محمد وأخبره الفزاري أنه لم يخرج من الشام حتى قدمت البشرى من قبل عمرو بن العاص يتبع بعضها بعضا بفتح مصر وقتل محمد بن أبي بكر وحتى أذن معاوية بقتله على المنبر

  وقال يا أمير المؤمنين ما رأيت يوما قط سرورا مثل سرور رأيته بالشام حين أتاهم قتل محمد بن أبي بكر فقال علي أما إن حزننا على قتله على قدر سرورهم به لا بل يزيد أضعافا.

  قال فسرح علي عبد الرحمن بن شريح إلى مالك بن كعب فرده من الطريق

  قال وحزن علي على محمد بن أبي بكر حتى رئي ذلك فيه وتبين في وجهه وقام في الناس خطيبا فحمد الله وأثنى عليه ثم قال ألا وإن مصر قد افتتحها الفجرة