شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

أخبار الجبناء وذكر نوادرهم

صفحة 109 - الجزء 6

  ومن طريف حكايات الجبناء ما ذكره ابن قتيبة أيضا في الكتاب المذكور قال كان بالبصرة شيخ من بني نهشل بن دارم يقال له عروة بن مرثد ويكنى أبا الأعز ينزل في بني أخت له من الأزد في سكة بني مازن فخرج رجالهم إلى ضياعهم في شهر رمضان وخرج النساء يصلين في مسجدهم ولم يبق في الدار إلا إماء فدخل كلب يتعسس فرأى بيتا مفتوحا فدخله وانصفق الباب عليه فسمع بعض الإماء الحركة فظنوا أنه لص دخل الدار فذهبت إحداهن إلى أبي الأعز فأخبرته فقال أبو الأعز إلام يبتغي اللص عندنا وأخذ عصاه وجاء حتى وقف بباب البيت وقال إيه يا فلان أما والله إني بك لعارف فهل أنت من لصوص بني مازن شربت حامضا خبيثا حتى إذا دارت في رأسك منتك نفسك الأماني وقلت أطرق دور بني عمرو والرجال خلوف والنساء يصلين في مسجدهن فأسرقهم سوءة لك والله ما يفعل هذا ولد الأحرار وايم الله لتخرجن أو لأهتفن هتفة مشئومة يلتقي فيها الحيان عمرو وحنظلة وتجيء سعد عدد الحصى وتسيل عليك الرجال من هنا وهنا ولئن فعلت لتكونن أشأم مولود.

  فلما رأى أنه لا يجيبه أخذه باللين فقال اخرج بأبي أنت مستورا والله ما أراك تعرفني ولو عرفتني لقنعت بقولي واطمأننت إلى ابن أختي البار الوصول أنا فديتك أبو الأعز النهشلي وأنا خال القوم وجلدة بين أعينهم لا يعصونني ولا تضار الليلة وأنت في ذمتي وعندي قوصرتان أهداهما إلى ابن أختي البار الوصول فخذ إحداهما فانبذها حلالا من الله ورسوله.

  وكان الكلب إذا سمع الكلام أطرق وإذا سكت أبو الأعز وثب يريد المخرج فتهانف أبو الأعز ثم تضاحك وقال يا ألأم الناس وأوضعهم ألا أراني لك منذ الليلة