شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

ذكر مطاعن النظام على الإمام علي والرد عليه

صفحة 129 - الجزء 6

  وهذا الكلام منه كلام عارف عالم بأن في الناس من لا يصدقه فيما يقول وهذا أمر مركوز في الجبلة البشرية وهو استبعاد الأمور الغريبة وتكذيب الأخبار بها وإذا تأملت أحواله في خلافته كلها وجدتها هي مختصرة من أحوال رسول الله ÷ في حياته كأنها نسخة منتسخة منها في حربه وسلمه وسيرته وأخلاقه وكثرة شكايته من المنافقين من أصحابه والمخالفين لأمره وإذا أردت أن تعلم ذلك علما واضحا فاقرأ سورة براءة ففيها الجم الغفير من المعنى الذي أشرنا إليه

ذكر مطاعن النظام على الإمام علي والرد عليه

  واعلم أن النظام لما تكلم في كتاب النكت وانتصر لكون الإجماع ليس بحجة اضطر إلى ذكر عيوب الصحابة فذكر لكل منهم عيبا ووجه إلى كل واحد منهم طعنا وقال في علي إنه لما حارب الخوارج يوم النهروان كان يرفع رأسه إلى السماء تارة ينظر إليها ثم يطرق إلى الأرض فينظر إليها تارة أخرى يوهم أصحابه أنه يوحى إليه ثم يقول ما كذبت ولا كذبت فلما فرغ من قتالهم وأديل عليهم ووضعت الحرب أوزارها

  قال الحسن ابنه يا أمير المؤمنين أكان رسول الله ÷ تقدم إليك في أمر هؤلاء بشيء فقال لا ولكن رسول الله ÷ أمرني بكل حق ومن الحق أن أقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين.

  قال النظام وقوله ما كذبت ولا كذبت ورفعه رأسه أحيانا إلى السماء وأطراقه إلى الأرض إيهام أما لنزول الوحي عليه أو لأنه قد أوصى من قبل في شأن الخوارج بأمر ثم هو يقول ما أوصى فيهم على خصوصيتهم بأمر وإنما أوصى بكل الحق وقتالهم من الحق.