شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

ذكر مطاعن النظام على الإمام علي والرد عليه

صفحة 130 - الجزء 6

  وهذا عجيب طريف.

  فنقول إن النظام أخطأ عندنا في تعريضه بهذا الرجل خطأ قبيحا وقال قولا منكرا نستغفر الله له من عقابه ونسأله عفوه عنه وليست الرواية التي رواها عن الحسن وسؤاله لأبيه وجوابه له بصحيحة ولا معروفة والمشهور المعروف المنقول نقلا يكاد يبلغ درجة المتواتر من الأخبار ما روي عن رسول الله ÷ في معنى الخوارج بأعيانهم وذكرهم بصفاتهم

  وقوله ÷ لعلي # إنك مقاتلهم وقاتلهم وإن المخدج ذا الثدية منهم وإنك ستقاتل بعدي الناكثين والقاسطين والمارقين فجعلهم أصنافا ثلاثة حسب ما وقعت الحال عليه وهذا من معجزات الرسول ÷ وإخباره عن الغيوب المفصلة فما أعلم من أي كتاب نقل النظام هذه الرواية ولا عن أي محدث رواها ولقد كان ¦ بعيدا عن معرفة الأخبار والسير منصبا فكره مجهدا نفسه في الأمور النظرية الدقيقة كمسألة الجزء ومداخلة الأجسام وغيرهما ولم يكن الحديث والسير من فنونه ولا من علومه ولا ريب أنه سمعها ممن لا يوثق بقوله فنقلها كما سمعها.

  فأما كونه # كان ينظر تارة إلى السماء وتارة إلى الأرض وقوله ما كذبت ولا كذبت فصحيح وموثوق بنقله لاستقامته وشهرته وكثرة رواته والوجه في ذلك أنه استبطأ وجود المخدج حيث طلبه في جملة القتلى فلما طال الزمان وأشفق من دخول شبهة على أصحابه لما كان قدمه إليهم من الأخبار قلق واهتم وجعل يكرر قوله ما كذبت ولا كذبت أي ما كذبت على رسول الله ÷ ولا كذبني رسول الله ÷ فيما أخبرني به.

  فأما رفعه رأسه إلى السماء تارة وأطراقه إلى الأرض أخرى فإنه حيث كان يرفع