شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

خطبة الإمام علي بعد يوم النهروان

صفحة 135 - الجزء 6

  ويبهت اللبيب يعاجلون بالسيف صلتا وقد كانوا قبل ذلك في غضارة من عيشهم يمرحون فيا لها مصيبة حينئذ من البلاء العقيم والبكاء الطويل والويل والعويل وشدة الصريخ في ذلك أمر الله وهو كائن وقتا يريج فيا بن حرة الإماء متى تنتظر أبشر بنصر قريب من رب رحيم ألا فويل للمتكبرين عند حصاد الحاصدين وقتل الفاسقين عصاه ذي العرش العظيم فبأبي وأمي من عدة قليلة أسماؤهم في الأرض مجهولة قد دنا حينئذ ظهورهم ولو شئت لأخبرتكم بما يأتي ويكون من حوادث دهركم ونوائب زمانكم وبلايا أيامكم وغمرات ساعاتكم ولكنه أفضيه إلى من أفضيه إليه مخافة عليكم ونظرا لكم علما مني بما هو كائن وما يكون من البلاء الشامل ذلك عند تمرد الأشرار وطاعة أولي الخسار ذاك أوان الحتف والدمار ذاك أدبار أمركم وانقطاع أصلكم وتشتت ألفتكم وإنما يكون ذلك عند ظهور العصيان وانتشار الفسوق حيث يكون الضرب بالسيف أهون على المؤمنين من اكتساب درهم حلال حين لا تنال المعيشة إلا بمعصية الله في سمائه حين تسكرون من غير شراب وتحلفون من غير اضطرار وتظلمون من غير منفعة وتكذبون من غير إحراج تتفكهون بالفسوق وتبادرون بالمعصية قولكم البهتان وحديثكم الزور وأعمالكم الغرور فعند ذلك لا تأمنون البيات فيا له من بيات ما أشد ظلمته ومن صائح ما أفظع صوته ذلك بيات لا ينمي صاحبه فعند ذلك تقتلون وبأنواع البلاء تضربون وبالسيف تحصدون وإلى النار تصيرون ويعضكم البلاء كما يعض الغارب القتب يا عجبا كل العجب بين جمادى ورجب من جمع أشتات وحصد نبات ومن أصوات بعدها أصوات ثم قال سبق القضاء سبق القضاء