شرح نهج البلاغة،

ابن أبي الحديد (المتوفى: 656 هـ)

القول في أحكام النجوم

صفحة 200 - الجزء 6

  الشيء ولاية وأوليته ذلك أي جعلته واليا له ومتسلطا عليه والكاهن واحد الكهان وهم الذين كانوا يخبرون عن الشياطين بكثير من الغائبات

القول في أحكام النجوم

  واعلم أن الناس قد اختلفوا في أحكام النجوم فأنكرها جمهور المسلمين والمحققون من الحكماء ونحن نتكلم هاهنا في ذلك ونبحث فيه بحثين بحثا كلاميا وبحثا حكميا.

  أما البحث الكلامي هو أن يقال أما أن يذهب المنجمون إلى أن النجوم مؤثرة أو أمارات.

  والوجه الأول ينقسم قسمين أحدهما أن يقال إنها تفعل بالاختيار والثاني أن تفعل بالإيجاب.

  والقول بأنها تفعل بالاختيار باطل لأن المختار لا بد أن يكون قادرا حيا والإجماع من المسلمين حاصل على أن الكواكب ليست حية ولا قادرة والإجماع حجة وقد بين المتكلمون أيضا أن من شرط الحياة الرطوبة وأن تكون الحرارة على قدر مخصوص متى أفرط امتنع حلول الحياة في ذلك الجسم فإن النار على صرافتها يستحيل أن تكون حية وأن تحلها الحياة لعدم الرطوبة وإفراط الحرارة فيها واليبس والشمس أشد حرارة من النار لأنها على بعدها تؤثره النار على قربها وذلك دليل على أن حرارتها أضعاف حرارة النار وبينوا أيضا أنها لو كانت حية قادرة لم يجز أن تفعل في غيرها ابتداء لأن القادر بقدرة لا يصح منه الاختراع وإنما يفعل في غيره على سبيل التوليد ولا بد من وصلة بين الفاعل والمفعول فيه والكواكب غير مماسة لنا فلا وصلة بينها وبيننا فيستحيل أن تكون فاعلة فينا.